اتحاف ابناء العصر بتاريخ ملوك مصر
إتحاف أبناء العصر بتاريخ ملوك مصر
ژانرونه
كان إبراهيم الخليل عليه السلام من ذرية سام بن نوح عليهما السلام، وهو جد العبرانيين والعرب، ولد في مدينة أور (أورفا أو الرها) بالفرات، فهجر وطنه سنة 2200ق.م، ووصل أرض كنعان بجنوب الشام، وكان من نسله إسماعيل وإسحاق ويعقوب عليهم السلام، الذين قاموا بعبادة الله وحده حينما كانت جميع الأمم غارقة في بحر الضلال يعبدون الأوثان، ولما ترقى يوسف عليه السلام، أحد الأسباط الاثني عشر أولاد يعقوب «إسرائيل» عليهم السلام إلى درجة سامية في عصر ملوك الرعاة أحضر بني إسرائيل وأسكنهم وادي غسان (المعروف الآن برأس الوادي)، ومن المحتمل أن حسن استقبال ملوك الرعاة لأولاد إبراهيم عليه السلام مترتب على بعض المجانسة في الشبه بين هذين الجنسين، وبعد أن قطن العبرانيون بمصر أربعة قرون كثر عددهم؛ حيث صاروا أمة لا تحصى، وكانت فراعنة العائلة الثامنة عشرة والتاسعة عشرة يبغضونهم كلما تذكروا عصر ملوك الرعاة، خصوصا لما عاينوا سرعة نمو هذا الأمة الأجنبية المغايرة لهم في الدين والعوائد، فحملوهم ما لا طاقة لهم به، وعاملوهم معاملة السوء، واستعملوهم في الأشغال الجسيمة التي شرعت فيها العائلة التاسعة عشرة مدة رمسيس الثاني؛ حيث استعملهم في تشييد هيكل مدينة بيتوم ورمسيوم بوادي غسان.
وكان موسى عليه السلام من نسل بني إسرائيل، وتربى في دار الفراعنة المصرية، وتعلم ما بيد الكهنة المصرية من العلوم، وقام لتخليص قومه، فنجاهم من العذاب، فقادهم إلى خارج مصر، ومن المحتمل أن يكون أحد خلفاء منفطا الأول هو فرعون ذلك العصر ، وكان أذن لبني إسرائيل بالخروج ثم ندم على ذلك واقتفى أثرهم بجيشه الجرار، فغرقوا جميعا في بحر القلزم (خليج السويس)، وقد ذكرت التوراة أنه هلك مع قومه في ذلك البحر.
أما العبرانيون فإنهم بعد ما جاوزوا البحر مكثوا في صحراء وادي التيه «بجبل الطور» في بلاد العرب مدة أربعين سنة، وأوحى الله إلى نبيه موسى عليه السلام بجبل الطور قانونا كلفهم بعبادة الله وحده سبحانه وتعالى، وعلمهم آيات أصول الأدب، وأدخل فيهم الحياة الدينية والمدنية، ولما مات موسى عليه السلام قام بالأمر بعده يوشع عليه السلام، وأغار بهم على أرض كنعان، فاستولى عليها وقسم أرضها التي على شاطئ نهر الأردن بين الأسباط الاثني عشر أولاد يعقوب عليهم السلام، وكانت هذه الأسباط عبارة عن أمم متعاهدة مع بعضها يجمعها علاقة الدين والأحاديث العامة، ولما كان العبرانيون تحيطهم الأعداء من كل ناحية جعلوا لهم حاكما، سموه قاضيا؛ ليدفع صولة الصائلين، وكان أشهر هؤلاء القضاة «جزعون» و«نفتح»، وهما اللذان خلصا قومهما من جور جيرانهم، وأما شمسون فكان ذا قوة مفرطة، فزع منها أهل فلسطين ثم شمويل عليه السلام، وكان حبرا وقاضيا للاثني عشر سبطا، وأراد أن يحدث حادثة كبيرة في ترتيب دولة بني إسرائيل؛ لقصد زيادة تثبيت دولتهم، فشرع في جعل ولاية أمرهم العليا وراثية لعائلته، لكن لم يتيسر فيهم من يقوم بواجب العدل والإنصاف، وصاروا يأخذون الرشا على الحكام، فحصلت فتنة داخلية، وأراد بنو إسرائيل أن يقيموا عليهم ملكا ينظر في أمورهم، فامتنع من ذلك أولا؛ مستندا للأصل القديم المقتضي أن بني إسرائيل لا ملك لهم غير الله سبحانه وتعالى، ثم لما أبوا الإجابة توجه نظره إلى شاب جميل الصورة بسبط بنيامين، وهو شاول - المعروف في تاريخ أبي الفدا باسم طالوت - فانتخبوه ملكا عليهم، وهو أول من تلقب بالملك منهم، وذلك في سنة 1092ق.م. (5-1) تاريخ بني إسرائيل مدة ملوكهم
ذكر شاول أو طالوت 1092-1056ق.م
وقام شاول المذكور بقيادة بني إسرائيل، لكن تملكه على الأمة العبرانية وولايته على الملة الإسرائيلية لم تكن إلا ولاية جهادية ومملكة عسكرية لا غير، بما أنه استمر مدة مديدة وهو تحت طاعة صاحب الولاية الدينية، وهو شمويل، وقد كان ملك العمونيين المدعو «نابال» كان قد غزى بني إسرائيل، ووضع الحصار على إحدى مدنهم «يبس» أو «سالم» التي نشأت في مكانها «أرشليم»، فجمع شاول من بني إسرائيل نحو ثلاثة آلاف مقاتل، فانهزمت أمة العمونيين، ونزل مدينة «جلجالة» منتظرا قدوم العبرانيين للتحية عليه، فحيوه بملك بني إسرائيل من جديد، وهنئوه بهذا النصر السديد، وكان الفلسطينيون قد عادوا بجنود عديدة للغارة على أرض بني إسرائيل بالثاني، ولكن انتصر عليهم؛ حيث ساعده ولده «يوناتاس» الذي كان اشتهر بالشجاعة والإقدام، وبعد ذلك شن الغارة على العمالقة انتقاما لما فعلوه ببني إسرائيل؛ حيث كانوا قد منعوهم عند حضورهم من مصر للتوطن بأرض كنعان، فحاربهم وقتلهم وأسر ملكهم المدعو «أجاج»، ثم إنه خالف أمر شمويل؛ حيث كان قد أمره بقتلهم وقطع دابرهم، فعفا عن «أجاج» المذكور، ومن ثم تمت المقاطعة بين شاول وشمويل، وتحكمت العداوة بينهما، وهاجر شمويل إلى بيت لحم، وجعل داود ملكا على بني إسرائيل، وكان شاول قد أصيب بداء «الماليخوليا»، وكان لا يسكن إلا إذا جاء داود عليه السلام، وضرب له على عوده المشهور، فأحبه وغمره بنعمه، ورقاه لمرتبة سائس ركابه، وهو لا يدري أنه قد لبس التاج في السر بدلا عنه، ثم اشتهر داود بقتل «جالوت» أحد أبطال الفلسطينيين، فلما عاين ذلك الأعداء فروا على أقدامهم هاربين، وتبعتهم بنو إسرائيل وفرقوا شملهم وغنموا منهم غنائم عظيمة، فلما بلغ ذلك شاول صاهره، لكن لما شاع صيته بالشجاعة عند بني إسرائيل بغضه شاول وأراد قتله ففر هاربا، واتفق أن الفلسطينيين كانوا قد شنوا الغارة على بني إسرائيل، فقتل شاول وابنه يوناتاس، فعاد داود وقلد بولاية الأمر، وذلك سنة 1056ق.م.
ذكر داود عليه السلام 1056-1016ق.م
ولما كانت الأقوام الفلسطينية يسطون على الدوام على أمة اليهود ويأخذون منهم الجزية، فلم يسع داود أن يستطع لهذا العار، فقام وحارب هؤلاء الأقوام، وأدخلهم تحت طاعته، وحارب العمالقة والأيدوميين جنوب بلاد الشام، وكذا العمونيين «سكان بلاد عمان»، وبالنسبة لذلك قامت القيامات والعصب في جميع البلاد الكائنة بين نهري الأردن والفرات، فلم ينزعج داود منهم، بل سار بنفسه إليهم، وقاتلهم واستولى على مدينة دمشق وسوريا وحمص، وشتت شمل أمة الأيدوميين بوادي الملح، وأحدث طرق مواصلات تجارية فيما بين ممالكه وبحر القلزم وأقصى بلاد آسيا وأفريقا، ونزل على القوم المسمين باسم «اليبسيين»، وهم أشجع الأقوام الكنعانيين فقاتلهم وأخذ منهم قلعتهم المسماة باسم «يبس» أو «سالم»، وهي التي نشأت في مكانها مدينة أورشليم أو بيت المقدس فيما بعد، وجعلها مقر مملكته وقاعدة دولته من ذلك العهد، وأدخل فيها النظام العسكري والمدني، وكان عصره أعظم أعصار أمة اليهود، وفي آخر سنة من حكمه خرج عليه ولده المسمى باسم «عادونياش»، وكان داود عهد بالملك لولده «سليمان»، فتخلى عن «عادونياش» أصحابه المتعصبون معه، فدخل تحت طاعة أبيه وعفا عنه.
ذكر سليمان عليه السلام 1016-976ق.م
قد اشتهر سليمان بالحكمة وفصل الخطاب. وكان أبوه وطد له دعائم المملكة، فلم يحتج عليه السلام لإقامة حروب مع أي أمة ما، غير أن أخاه المدعو «عادونياش» السالف الذكر قام عليه ونازعه في الحكم فقتله سليمان؛ ليصفو له سرير الملك من العاهات التكديرية، وبعد ذلك صرف مدة حكمه التي هي عبارة عن أربعين سنة في أنس، وكان مهادنا لكل من جاوره من الأمم، وهو الذي بنى معبد القدس الشريف حسب وصية من أبيه، فأمده «هرام الثاني» ملك صور كما تقدم، بكل ما يلزم لبنائه من عمال ومواد، وأتمه في سبع سنين، وكان يوجد به كثير من التماثيل التي لم يسمع بها.
وقد اشتهر سليمان بالحكمة كما أسلفنا، فكان مهابا محترما عند جميع الأمم، حتى سعت إليه بلقيس ملكة سبأ من أقصى بلاد العرب لسماع حكمته، وتزوج بها، وكان يميل للمشروعات الجسيمة، فكانت أساطيله تجول الإقيانوس الهندي لتبحث فيه على الذهب والعاج والأمتعة الثمينة، وكان ملاحوه من الفنيقيين، ولا يخفى أن هذا الأمر يحتاج لتبذير أموال جسيمة، فلذا ألزم أهل ملته بالمغارم، فحصل لها ضجر عظيم ظهرت نتيجته بعد موته. (5-2) ذكر مملكتي يهوذا وبني إسرائيل
ناپیژندل شوی مخ