اتحاف ابناء العصر بتاريخ ملوك مصر
إتحاف أبناء العصر بتاريخ ملوك مصر
ژانرونه
لما كان هذا الملك أجنبيا عن الملك، تزوج ببنت من العائلة المصرية الملوكية، وكانت مصر في مبدأ حكمه قد اعتراها الخراب في حربها مع الآشوريين والأتيوبيين، حتى طمت الترع وتلفت الطرق، فشرع «بساميتيك» - على ما رواه هيرودوت المؤرخ اليوناني - في إحياء مصر، فأصلح الترع والطرق، وأعاد الراحة والأمن، وبث العلوم، وعمر بيوت العبادة، وأصلح ما تهدم من معبد الكرنك وغير ذلك من المنافع العمومية، وسعى في تحسين سياسته مع الممالك المجاورة بجنوب مصر وشمالها، وهي مملكة الأتيوبيا وآشور والقيروان، ولحفظ بلاده شيد قلاعا في مضايق طرق الشام، وفي ضواحي بركة المنزلة من الجهة الغربية، وفي الشلال الأول، وبعد أن تمم ذلك قام لغزو النوبة فظهر عليها، وبعد ذلك قام لفتح الشام فزحف عليها وملك فلسطين، وأخذ مدينة أشدود واكتفى بذلك، وبعد هذه الفتوحات دهم مصر مصيبة كبرى، وهي أن هذا الملك اقتدى بأسلافه الفراعنة، وجلب إلى مصر الأجانب، فأكرم نزل اليونان وأقطعهم أرضا على شواطئ بحر الطينة جهة الفرمة، وفي هذا الوقت أيضا قدم قوم آخرون ورسوا بساحل بحر رشيد، وأسسوا هناك معسكرا متسعا، فقويت شوكتهم واختلطوا بالمصريين، وأدخل أطفالهم المدارس المصرية، وكان منهم سولون وفيثاغورث وأفلاطون «بمدرسة عين شمس الآن المطرية» وكان المصريون ينظرون لهم بعين الاحتقار، ويأنفون من الاختلاط بهم، وكانت كراهتهم لهم مضمرة أولا، ولكن بعد ذلك انكشفت؛ وسبب ذلك أن الملك أنعم عليهم بالرتب، فأصبحت مصر تحت محافظتهم، وأخيرا لما اشتد غيظ المصريين من ميل الملك للأجانب اجتمع منهم نحو 240000 نفس شاكي السلاح ، وهاجروا إلى بلاد الأتيوبيا، وهناك قابلهم ملكها بالترحاب ثم وطنهم بين البحر الأبيض والأزرق، فنشأت منهم أمة عظيمة اشتهرت بطائفة الأسماط؛ أي حجاب، ولكن سياحي اليونان سمتهم باسم أوتوموليس، وبقي هذا الاسم معروفا إلى القرن الأول من الميلاد، ومات هذا الملك سنة 611ق.م، ودفن في صا الحجر، وورثه نيخاؤس الثاني.
ذكر الملك نيخاؤس الثاني 617-600ق.م:
تولى هذا الملك طاعنا في السن، وسلك بهمة ونشاط سلك مشاهير الفراعنة، حتى ألبس مصر ثوب المجد، ووجه همته إلى إتمام السفن الحربية، واعتني بأمرها كثيرا؛ لأنه كان يريد الاستيلاء على سواحل البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، فندب لهذا العمل مهندسين من اليونان أنشئوا له معامل بحرية، وغيروا المراكب المصرية القديمة بمراكب حربية جديدة تسير بالمجاذيف، وتسمى بالأغربة، وتشبث أيضا بمشروع مهم وهو إيصال البحر الأحمر بالبحر الأبيض لقطع برزخ السويس، فحفر ترعة امتدادها أربع مراحل بحرية، وعرضها يسع سفينتين، كان مبدؤها مدينة تل بسطة، وآخرها بركة التمساح، إلا أنه هلك في حفرها 120000 نفس، فتشائم الملك منها وأمر بإبطالها، سيما لما أخبرته الكهنة بأن حظ الانتفاع يكون لأمة أجنبية، وقال أرسطاطاليس إن الملك كف عن عمل الترعة بناء على إخبار المهندسين له؛ لأن سطح البحر الأحمر مرتفع عن أرض مصر فخاف عليها من الغرق، وبعد ذلك انفتح لهذا الملك مشروع مهم، وهو أنه بلغه من ملاحي صور وقرطاجة أنهم اكتشفوا على سواحل أفريقا بلادا فيها كثير من الذهب والعاج والأخشاب العجيبة فأمر الملك ملاحي الفنيقيين بأن يذهبوا بسفنهم في طلب تلك البلاد، فطافوا حول أفريقا مدة ثلاث سنين، لكنهم لم يجدوا تلك البلاد، وخاب سعيهم. وفي هذا الوقت كان انحطاط مملكة آشور، فقام نيخاؤس سنة 603 بحيش جرار إلى آسيا وهجم على بلاد فلسطين، فقهر ملك يهوذا المدعو يوشيا، وقتله في مدينة مجدو «مجدلة»، وألبس التاج إلى يهوياقيم، وضرب عليه الجزية، وبعد ذلك صار بدون معارض حتى وصل الفرات، مرتبا الحراس في كل إقليم استولى عليه، ولما أدخل الجهات البحرية تحت طاعته انعطف جهة الجنوب، ونزل بأرض بجوار حمص، وأقام هناك منتظرا قدوم أهل الشام للتحية عليه، فبلغه تظاهر اليهود عليه، فأحضر ملكهم وعزله وعين بدله وضرب عليه الجزية، وبعد أن استولى على بلاد الشام وفلسطين عاد لمصر، فقام بختنصر ملك بابل وحارب نيخاؤس، وأخذ منه جميع البلاد التي فتحها، وبعد ذلك أراد نيخاؤس أن يسترجع البلاد التي أخذت منه فمات بدون أن يبلغ إربه.
ذكر الملك واح أبرع أو أبرياس بن بساميتيك الثاني 594-570ق.م:
في عصر هذا الملك استنجد به صدقيا وجاهر بالعصيان على ملك بابل، فقام بختنصر وهزم ملك اليهود، ودخل بيت المقدس الشريف، وبعد ذلك توجه لقتال ملك مصر؛ حيث كان حضر هو وجنوده لإعانة ملك اليهود، فانهزم المصريون بمجرد وصول عساكر بابل، وعاد بختنصر إلى بلاد اليهود، وقتل أولاد صدقيا، فالتجأت اليهود بعد ذلك إلى مصر، فاستقبلهم ملكها وأقطعهم أرضا بقرب زفتى، وبعضهم سكن صعيد مصر. وبعد أن فرغ ملك بابل من قتال أهل آسيا رجع على مصر وقتل ملكها وأقام عليها حاكما من طرفه، وأخذ معه اليهود على ما رواه يوسيفوس المؤرخ اليهودي، ولكن هذه الحادثة نقضت ما قاله هيرودوت المؤرخ اليوناني من أن النصرة كانت للمصريين، وقيل إنه بعد هذه النصرة استنجدت به سكان سواحل ليبيا على قبائل اليونان بالقيروان، فأرسل عليهم جيشا مركبا من عساكر مصرية، فانهزم المصريون وقتلوا، ولم ينج منهم سوى من هرب لمصر، فتسبب عن ذلك عصيان وثورة من المصريين ضد الملك فأرسل عليهم جيشا تحت رياسة رجل من الرعاع اسمه أحميس، وبينما كان ينصحهم لردهم عن عصيانهم إذ أقبل عليه أحد الجنود العاصية وألبسه التاج، وقال قد رضيناك ملكا علينا، فقبل منهم ذلك وقام معهم لقتال الملك، فالتقى الجيش المصري والجيش اليوناني الذي كان مع الملك بقرب مدينة صا الحجر، فانتصرت الجنود المصرية، ووقع الملك في قبضة أحميس فأحسن مثواه وعامله معاملة الملوك، ولكن بعد ذلك طلب المصريون تسليم الملك لهم، فبمجرد ما أخذوه خنقوه.
الملك آموزيس وهو أحميس الثاني 570-529ق.م :
قال هيرودوت: «لما تولى هذا الملك تزوج بحفيدة الملك بساميتيك الأول، ليؤسس بذلك لنفسه عائلة ذات حق، وحافظ على نفوذ الشوكة المصرية في فنيقيا، وأتم فتوح جزيرة قبرص، وكان ذكي الفطنة، ولخوفه على بلاده من العجم أحسن سياسته مع ملكهم قيروش أو كرش، فتمتع بالراحة 25 سنة، وكانت مملكته في درجة عالية من الثروة، ووسع الترع، وأصلح شأن الزراعة والتجارة، حتى أصبحت مصر به غنية، وقطع الأحجار، وأصلح جميع آثار الكرنك وغيرها، وأصلح الوجه البحري؛ إذ كان متخربا وقتها، وبعناية هذا الملك صارت مصر في درجة لم تصل إليها غير أيامه، حتى قيل إن مدنها بلغت في عصره 20000 مدينة عامرة، وكثرت بها التجارة، خصوصا مع اليونان الذين كان دائما شاملا لهم بأنظاره، ولحبه لهم تزوج منهم، وقد بلغ عدد اليونان في ذلك الوقت 200000 نفس، فأعطاهم مدينة نقراطيس، ولعلها «فوه»، واشتغلت أولئك اليونان بنقل كل ما يسمعونه من أخبار المصريين إلى البلاد الأجنبية، فقويت أطماع الناس في مصر، وصار يأتيها كثير من الفلاسفة والتجار والعسكر الأغراب المتنوعة، وفي هذا الوقت توفي قيروش ملك العجم، وتولى بعده ابنه قمبيز الذي غزى مصر كما سيأتي، ولخوف قمبيز على عساكره من صحراء العرب قيض الله له رجلا يونانيا يدعى فانيس، حضر إليه من مصر، فأطلعه هذا اليوناني على حقيقة تلك البلاد، ودله على الطريق الموصل إليها، وبناء على ذلك عقد قمبيز معاهدة مع العربان الذين كانت لهم اليد على الطريق الموصل للنيل ليأتوا بالماء لجيشه، وعلى ذلك سارت جيوش العجم حتى حلت أمام الطينة، وفي هذا الوقت توفي أحميس وأخلفه «بساميتيك الثالث».»
الملك بساميتيك الثالث 525ق.م:
وفي عهد هذا الملك اشتدت الحروب بين العجم والمصريين عند الطينة، وكان من جملة الجيوش المصرية فرقة من اليونان أرباب الجمكية، فأرادوا أن ينتقموا من فانيس الذي ترك أولاده وهرب عند العجم، فأحضروهم إلى المعسكر وذبحوهم بين الصفين وأبوهم ينظر إليهم ويتقطع قلبه حسرة عليهم، ووضعوا دمهم في إناء ومزجوه بالنبيذ وشربوه، وبعد ذلك اقتحمت المقتلة بين الفريقين ، واحتال قمبيز على ما قيل بحيلة عجيبة، وهي وضع كثير من القطط والكلاب والحيوانات المقدسة في مقدم جيشه؛ لعلمه بأن هذه الحيوانات هي معبودات المصريين، ولذلك لا يمكنهم أن يرموا سهامهم عليهم، وبهذه الحيلة تقهقر المصريون، ولم يثبت في القتال سوى عساكر اليونان، فانتهت الواقعة بهزيمة المصريين، فأرسل بعد ذلك ملك العجم إلى المصريين رسولا في سفينة من عنده، يطلب منهم التسليم، فكسر المصريون السفينة وقتلوا من بها، فحضرت العجم قلعة منفيس، وحاصرتها واستولت عليها، وقتلت ابن الملك وكثيرا من أعيان المصريين، وبذلك خضعت مصر إلى الملك قمبيز، ووقع بساميتيك في الأسر فأبقاه حيا، ويقال إنه بعد تسليم «منفيس» أمر قمبيز بإحضار أولاد الملك وبناته بملابس الرق حاملين قدور الماء على رءوسهم، ثم طلب أيضا أولاد أعيان المصريين الذين حكم عليهم بالقتل ليمروا أمامهم قبل القتل، وكان بساميتيك مشاهدا لذلك مع إظهار الصبر، وأخيرا أراد أن يجعله نائبا على مصر بدله، فقال: «الموت ولا النيابة»، فقتله وسلم حكم مصر إلى إيرندس الفارسي، وبهذا الملك انتهت العائلة السادسة والعشرون، وتليها العائلة السابعة والعشرون الفارسية إن شاء الله. (1-2) ديانة قدماء المصريين
كانت الأمة المصرية أعظم الأمم تدينا، وفضلا عن تعدد الأصنام التي كانوا يعبدونها فإننا نرى أكابر مصر وحكماءها يعتقدون وحدانية الله، وما عداهم من الأمة فكانت عاكفة على عبادة الأصنام.
ناپیژندل شوی مخ