اتحاف ابناء العصر بتاريخ ملوك مصر
إتحاف أبناء العصر بتاريخ ملوك مصر
ژانرونه
اعلم أن اليونان والرومان لم يشتغلوا بشيء من أمر اللغة البربائية التي كانت تتكلم بها سكان مصر لغاية مدة حكمهم، فلذلك طرحها الكتاب من أفكارهم، فأصبحت سرا مكنونا وحجابا مستورا مصونا، حتى وفد على مصر علماء فرنساويون صحبة التجريدة الفرنساوية التي غزى بها بونابارت الديار المصرية سنة 1798 ميلادية، ففي سنة 1800 ميلادية بينما كان الضابط الطوبجي المسيو بوسارد مشتغلا بالحفر جهة رشيد لإنشاء المتاريس والاستحكامات للتحصن هناك عثر على حجر منقسما إلى ثلاثة أقسام؛ «القسم الأول» مكتوب بالقلم الهيروغليفي الذي كانت تستعمله الكهنة في الكتب المقدسة. «والقسم الثاني» مكتوب بالقلم الديموطيقي الخط المعتاد. «والقسم الثالث» الأسفل بالخط اليوناني، ومكتوب في آخره أنه ترجمة ما سبق بالخط البربائي، فأخطر هذا الضابط جمعية تقدم المعارف الفرنساوية بهذا الحجر المشتمل على أمر عال صادر من بطليموس الخامس فتلاعبت أفكار العلماء بحل ما يكنه هذا الحجر وسموه «حجر رشيد».
وما زال جملة من علماء أوروبا يتعاقبون الواحد بعد الآخر فذهبت أعمالهم سدى ولم تأت بأدنى فائدة، غير أن العلامة «زويجا» اقترح أن أسماء الملوك عند قدماء المصريين كانت توضع في نوع مستطيل ضلعاه الصغيران قوسان سماه «خرطوشا»، واستمر ما اشتمل عليه هذا الحجر مكنونا زمنا طويلا، غير أن المعلم الإنكليزي يونج استخرج بعض الحروف الهجائية، وظهر بعده الشاب ذو القريحة الوقادة الذكي الفطنة الفرنساوي «حنا فرنسيس شمبوليون» فاشتغل منذ شبيبته بتعلم اللغات الشرقية وخصوصا القبطية، ومارس كثيرا من النقوش الأثرية إلى أن عرف أن الخط البربائي ليس إلا كاللغات الأخرى ذات علامات يتلفظ بها كالحروف، وأنه يكتب على ثلاثة أشكال خط هيروغليفي وهو الخاص في الغالب بالأديان وخط هيراطيقي وديموطيقي وهما مختصر الخط الهيروغليفي، كالنسخ والرقعة والديواني، فشرع في سنة 1238 هجرية في استخراج ما توقفت فيه العلماء ، ففي مدة سنتين استخرج جملة حروف هجائية.
والطريقة التي اتبعها هي أنه لما وجد في النص اليوناني اسم بطليموس أخذ ما يقابله من الخرطوش المدون في الخط البربائي الذي تحته، فبمقابلة هذين الخطين عرف الحروف الأصلية من الزوائد، ثم قابل ما عنده من الحروف باسم كليوبطرة فاستخرج بعض حروف أخرى، وهكذا اسم إسكندر الأكبر وبساميتيك وتحوتمس حتى عرف الحروف الهجائية، ثم بقي عليه مسألة معضلة أظهر فيها هذا العالم ما يدل على رفعته وقدره وحدة ذكائه، وهي معرفة اللغة نفسها؛ إذ ماذا يفيد النطق بالألفاظ مع جهل المعنى، فما زال يطابق الثلاثة خطوط المرسومة على حجر رشيد على بعضها إلى أن استخرج بعض علامات أخرى، وهكذا سلك أسلوب الترقي من المعلوم للمجهول حتى ابتدع فن الكتابة المصرية القديمة المعروفة بالبربائية أو الهرمسية، وألف لها آجرومية شبيهة بالآجرومية القبطية وقاموسا لهذه اللغة، ومع كل فلم يسلم من سهام النقد والتنديد؛ حيث خطأه كثير من العلماء، ومع كل فإنه لما مات شمبوليون سنة 1249 هجرية سنة 1832 ميلادية اشتغل كثير من العلماء بتعلم هذه اللغة مع كثرة المناقضة فيها، ولم تزل إلى الآن الناس تشتغل بالقلم المصري حتى صار الآن مربوطا بقواعد وأحكام غير منقوضة، ولم تزل تزداد بزيادة هؤلاء الطلبة، وبهذه الطريقة عينها حلت العلماء الأوروباويون اللغة الآشورية والبابلية المعروفة بالحروف الزاوية الشكل العلامة «جروتيفان» سنة 1802 والعلامة «أجين برنوف» مع ما كان عندهما من لغة السنسكريتي، فالأول كان موضوع بحثه اسمين علمين دارا وأكزركيس، والثاني صحيفة وجدت في جبل الفان على مقربة من إستخر، وكذا غيرهم من العلماء، وقد قرئت الصحائف واتضحت كمال الإيضاح، وتحصلوا على حروف الهجاء خلا بعض علامات اعتراها بعض التغيير من حيث المعنى.
فوا عجبا من جد هؤلاء الأغراب في كشف رموز هذه اللغة وإبراز تاريخنا من عالم الخفاء إلى عالم الظهور وتقاعدنا عن مثل هذه الأعمال وغيرها التي نحن أحق بها من غيرنا. (4) العصور
قسم مؤرخو الفرنج العصور إلى ثلاثة أقسام وهي: الأعصار الأولية والأعصار الخرافية والأعصار التاريخية .
أما الأعصر الأولية فهي:
المدة التي ابتداؤها خلق الإنسان وغايتها حادثة الطوفان؛ وذلك أنها عندهم منقسمة إلى فرعين؛ المدة الدنيوية والمدة الطوفانية:
والأعصر الخرافية هي:
المدة التي ابتداؤها تفرق الأمم وتبلبل الألسن وبناء المدن وتأسيس الممالك ببلاد الصين ومصر واليونان إلى ظهور الأنبياء المرسلين والشعراء المشهورين ووضع أساس العالم الدنيوي؛ ولذلك قسمها مؤرخو الأوروبيين إلى أزمان وثنية وأزمان بطلية «نسبة للشجاع البطل» وأزمان نبوية أو شعرية، فأول الأزمان هو الذي كانت فيه مصر واليونان وغيرهما ميالين لترقية ملوكهم إلى رتبة الآلهة، والثاني: الزمن الذي ظهرت فيه الجبابرة الذين شنوا الغارات وأسسوا المدن، والثالث: ظهور الأنبياء الكرام والشعراء المعتبرين كالخليل إبراهيم وموسى عليهما السلام وشعراء اليونان.
وأما الأعصر التاريخية فهي:
ناپیژندل شوی مخ