اتحاد اروپایی: مقدمه لنډه
الاتحاد الأوروبي: مقدمة قصيرة جدا
ژانرونه
الزراعة والأقاليم
والميزانية: صراعات حول ما سيحصل عليه كل طرف
السوق الموحدة وضع مربح لجميع الأطراف؛ فنظرا لتعزيزها الإنتاجية في الاقتصاد، هناك منفعة تتحقق لمعظم الناس، سواء أحصلوا هذه المنفعة على هيئة زيادة في الاستهلاك، أم نقص في ساعات العمل. لكن بجانب الأغلبية التي تكسب، سيكون هناك البعض ممن يخسرون، أو على الأقل يخشون أنهم سيخسرون من فتح الأسواق أمام منافسين جدد، وقد يطلب هؤلاء البعض تعويضا عن موافقتهم على المشاركة في الترتيبات الجديدة. وعادة ما يكون لمثل هذا التعويض آثاره على ميزانية الاتحاد، ويبدو كوضع يكسب فيه بعض الأطراف ويخسر بعضهم خسارة مكافئة؛ مما قد يؤدي إلى صراع بين من يدفعون ومن يقبضون، حتى وإن كانت حزمة التعويض والمنافسة - إذا أخذا سويا - تفيد كلا الطرفين. كان أول مثال مهم على هذا اشتمال الزراعة في السوق المشتركة للجماعة الاقتصادية الأوروبية. (1) الزراعة
كان فتح سوق الجماعة أمام التجارة في المواد المصنعة، عندما تأسست الجماعة الاقتصادية الأوروبية، مسألة بسيطة نسبيا تتعلق بإلغاء التعريفات الجمركية والحصص على مراحل، لكن إلغاء التعريفات الجمركية والحصص لم يكن إلا جزءا صغيرا من مشكلة إنشاء سوق مشتركة زراعية. كانت البلدان الأوروبية كافة تدير أسواقها الزراعية بأدوات معقدة: كالإعانات المالية وسياسات دعم الأسعار؛ لضمان مدخولات كافية للمزارعين، وأمن الإمدادات الغذائية؛ لذا فإن أي سوق مشتركة للحاصلات الزراعية كان يلزم أن تكون سوقا مدارة معقدة للجماعة كي تحل هذه السوق محل أسواق الدول الأعضاء. كان الأبسط أن تنحصر السوق المشتركة في مجال الصناعة، لكن الفرنسيين كانوا يخشون احتمال المنافسة الصناعية الألمانية، ونظرا لامتلاكهم قطاعا زراعيا تنافسيا أصروا على فتح سوق الجماعة أمام الزراعة أيضا.
كانت النتيجة هي السياسة الزراعية المشتركة التي تقدم الدعم لأسعار المنتجات الرئيسية على المستويات التي يقررها مجلس وزراء الزراعة من خلال رسوم متغيرة تفرض على الواردات الآتية من خارج الجماعة، وشراء الإنتاج الفائض بالأسعار المدعومة وتخزينه. تعززت مدخولات المزارعين بفضل ارتفاع الأسعار التي يدفعها المستهلك بجانب الإعانات المالية المقدمة من دافعي الضرائب بالجماعة لتمويل الفوائض التي تمخض عنها ارتفاع الأسعار. وبينما كان هذا وضعا مقبولا في سنين الجماعة الأولى، برزت توترات جديدة بمجرد انضمام المملكة المتحدة إلى العضوية. فبفضل نموذج التجارة الحرة البريطاني كانت الأسعار هناك أقل بكثير؛ لذا كانت عضوية «السياسة الزراعية المشتركة» بمثابة ضربة ثلاثية لها، قوامها ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وارتفاع مستويات المساهمات البريطانية في الميزانية نتيجة رسوم الواردات على المواد الغذائية، وانخفاض مقبوضاتها من الميزانية نتيجة صغر حجم قطاعها الزراعي.
قدر لهذا الوضع أن يفجر معركة دامت خمس سنوات عقب تولي السيدة تاتشر رئاسة الوزراء عام 1979، منتهجة عرقلة الكثير من أعمال الجماعة الأخرى في إطار سياستها التي أسمتها «استرداد أموالنا». بلغت الأمور مرحلة حرجة في 1984، عندما كان تراكم المخزونات مثل «جبال الزبد» و«بحيرات الخمر» قد تكلف كثيرا جدا، لدرجة أن احتاجت الجماعة إلى رفع سقف إيراداتها من الضرائب، وهو ما كان يتطلب موافقة بالإجماع من الدول الأعضاء؛ لذا أبرمت صفقة، حيث اتفق على رفع سقف الموارد الضريبية المخصصة للجماعة، وعلى منح تخفيض سنوي لبريطانيا يبلغ نحو ثلثي مساهمتها الصافية. واتخذت في الوقت نفسه خطوة لإصلاح السياسة الزراعية المشتركة، لكنها ليست إلا خطوة متواضعة؛ لأن الاهتمام كان مركزا على مسألتي التخفيض والموارد الضريبية. (2) مراحل الإصلاح
سارت السياسة الزراعية المشتركة بخطوات بطيئة متثاقلة، وأدت إلى تراكم المزيد من الفوائض باهظة التكلفة حتى جاء عام 1988 ونفدت الأموال من جديد. وفي هذه المرة تغلبت المصالح المالية للدول الأعضاء. في ظل تقسيم المجلس إلى وحدات وظيفية، كانت قرارات مجلس وزراء الزراعة بشأن أسعار المنتجات الزراعية قد حددت مستوى معظم نفقات الجماعة، ولم يكن لمجلس وزراء المالية إلا دور محدود فيها. ونظرا لأن الفاتورة الناشئة عن ذلك كان يلزم سدادها من موارد الجماعة الضريبية، كان وزراء الزراعة في الحقيقة هم الذين يقررون معدل الضريبة التي يدفعها المواطنون للجماعة. كان يلزم إرساء رقابة مالية، فوافق المجلس الأوروبي في 1988 على حزمة تدابير اقترحها ديلور ترتب عليها تطبيق «منظور مالي» يضع حدودا للعناوين الرئيسة لنفقات الجماعة خلال السنوات الخمس من 1988 إلى 1992. وحصر نمو الإنفاق على الزراعة في أقل من ثلاثة أرباع معدل نمو المجموع الكلي.
في حين أزالت هذه الخطوة شيئا من حدة الصراع على المال، كانت لا تزال هناك حاجة إلى إدخال إصلاح جاد على السياسة الزراعية المشتركة. وبحلول 1992، كان المفوض المسئول عن الزراعة الوزير الأيرلندي السابق، راي ماكشيري، الذي انبرى للمشكلات واستطاع ببراعة التغلب على المصالح المتعارضة؛ ليضمن الحصول على تخفيض بنسبة 15 في المائة في السعر المدعوم للحم البقري، ونحو الثلث بالنسبة للحبوب. لم تخفض مستويات النفقات الحالية؛ لأنه جرى تعويض المزارعين بدعم لدخولهم تضمن مدفوعات «تبوير الأراضي» مقابل إراحتهم الأرض الزراعية، لكن هذه التدابير ألغت الديناميكية التوسعية من السياسة الزراعية المشتركة، ومهدت الساحة للمزيد من الإصلاح.
ظلت تكلفة السياسة الزراعية المشتركة عبئا ثقيلا على الجماعة؛ حيث كان نصف الميزانية ينفق على دعم قطاع يعمل به أقل من 5 في المائة من القوة العاملة، ويذهب معظمه إلى أقلية صغيرة من كبار المزارعين وأثريائهم. زد على ذلك أنه بنهاية التسعينيات، كانت الضغوط المزدوجة المترتبة على التوسع شرقا والمفاوضات في منظمة التجارة العالمية حديثة التأسيس تجبر الاتحاد الأوروبي على إجراء المزيد من الإصلاح الهيكلي. كانت الدول الأعضاء الجديدة سترفع التكاليف بشدة على الأرجح، في حين كانت ضرورة الوصول إلى اتفاق في مفاوضات تحرير التجارة بمنظمة التجارة العالمية تضغط بشكل متزايد في اتجاه إجراء تخفيضات في مستويات الدعم الزراعي. بناء على ذلك وافق الاتحاد على تخفيضات كبيرة بالنسبة لبعض المنتجات عام 1999، في إطار مفاوضات أوسع بشأن الميزانية، إضافة إلى تبني مفهوم السياسة الزراعية المشتركة متعددة الوظائف، بمعنى سياسة تمتد إلى البعدين الاجتماعي والبيئي اللذين يحيطان بالزراعة. كانت إعادة صياغة السياسة الزراعية المشتركة هكذا باعتبارها سياسة «ريفية» - على نحو ما أكده «فحص السلامة» عام 2008 - خطوة مهمة للمساعدة على إطلاق العنان للإصلاحات التي أخرتها بعض الدول، وأبرزها فرنسا.
رسم بياني (5): الحصة المنفقة من الميزانية على السياسة الزراعية المشتركة، 1970-2010 (النسبة المئوية من الميزانية الإجمالية).
ناپیژندل شوی مخ