ونعود إلى ما وعدنا به من الزيادة وإيضاح ذلك ، فنقول: قد ثبت أن النبي صلى الله عليه [وآله وسلم] لما أتى بالقرءان كان يقرأ على المسلم والكافر ، ولا يكتم أحدا ممن قرب منه ، أو بعد عنه . وفي القرءان تحد كثير ظاهر ، ففي ستة مواضع منه قد تحدى حتى لم يبق للشبهة فيه موضع ، وفي مواضع أخر نبه على أنه يتحداهم ودل عليه ، وإن لم يكن لفظ التحدي ظاهرا في تلك الآيات ، وهذا كثير يطول ذكره وإحصاؤه .
فأما المواضع الستة:
فأحدها: في السورة التي يذكر فيها البقرة ، وهو قوله: { وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين (23) فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين (24) } [البقرة] .
فانظروا - رحمكم الله - هل يجوز أن يكون في التحدي والتقريع قول أشفى من هذا ، وأوضح منه ، وأدعا لأعدائه إلى الاهتزاز للإتيان بمثله ؟! لولا تعذره بها ، لأنه تعالى قال: قل { فأتوا بسورة من مثله } ، وهذا كاف في التحدي . ثم قال: { وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين (23) } في إنكاركم أنه من عند الله ، وهذا أيضا تحد ثان . ثم قال: { فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا } تحد ثالث (¬1) ، مع أنه خبر عن المستقبل . ومثله لا يجوز أن يقع من العاقل إذ لا يأمن أن يفعلوا ذلك فيظهر كذبه ، فدل ذلك على أنه كان من عند علام الغيوب .
مخ ۶۶