قوله: أجعلتم سقاية الحاج : والسقاية مصدر كالحماية والرعاية بمعنى الفاعل كالبر بمعنى البار، وتقديره: أجعلتم سقاية الحاج كعمل من آمن؛ كقولهم:
الشعر زهير، والجود حاتم.
وقرأ الضحاك: والسقاية بفتح السين وبنو الزبير سقاة وعمرة، وهما جمع ساق وعامر.
وقيل: السقاية والعمارة بمعنى الساقى والعامر، تقديره: أجعلتم ساقى الحاج وعامر المسجد الحرام.
كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله : يعنى لا يستوى حال هؤلاء الذين آمنوا بالله وجاهدوا فى سبيله بحال من سقى الحاج وعمر المسجد الحرام وهو مقيم على شركه وكفى؛ لأن الله تعالى لا يقبل عملا إلا مع الإيمان به، والله لا يهدى القوم الظالمين (1).
عن ابن عباس قال: إن المشركين قالوا: عمارة بيت الله الحرام والقيام على السقاية خير ممن آمن وجاهد، وكانوا يفتخرون بالحرم ويستكبرون به من أجل أنهم من أهله وعماره، فذكر الله استكبارهم وإعراضهم، فقال لأهل الحرم من المشركين: قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون مستكبرين به سامرا تهجرون (2) يعنى: أنهم كانوا يستكبرون بالحرم، قال: به سامرا تهجرون ؛ لأنهم كانوا يسمرون به ويهجرون القرآن والنبى (صلى الله عليه وسلم)، فخير الإيمان والجهاد على عمارة المشركين البيت وقيامهم على السقاية، ولم تكن تنفعهم عند الله مع الشرك به وإن كانوا يعمرون بيته (3).
قال الله تعالى: لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين (4) يعنى:
الذين زعموا أنهم أهل العمارة فسماهم الله الظالمين لشركهم فلم تغن عنهم
مخ ۵۴