قالت آمنة: لما دنت ولادتى أتانى الآتى الذى أتانى فقال:
قولى أعيذه بالواحد الصمد (1) من شر كل حاسد. فكنت أقول ذلك، فذكرت ذلك لنسائى، فقلن لى: علقى حديدا فى عضديك وفى عنقك. ففعلت، فلم يكن يترك على إلا أياما فأجده قد تقطع؛ فكنت لا أتعلقه.
وكانت آمنة تحدث عن نفاسها وتقول: لقد أخذنى ما يأخذ النساء ولم يعلم بى أحد من القوم : ذكر ولا أنثى- وإنى لوحيدة فى المنزل وعبد المطلب فى طوافه فسمعت وجبة (2) شديدة وأمرا عظيما؛ فهالنى!! فرأيت كأن جناح طير أبيض قد مسح على فؤادى، فذهب عنى كل رعب وكل فزع ووجع كنت أجده، ثم التفت فإذا أنا بشربة بيضاء ظننتها لبنا- وكنت عطشى- فشربتها، فأضاء منى نور عال، ثم رأيت نسوة كالنخل الطوال كأنهن من بنات عبد مناف يحدقن بى، فبينا أنا أعجب وأقول:
واغوثاه، من أين علم بى هؤلاء؟! واشتد بى الأمر وأنا أسمع الوجبة الشديدة فى كل ساعة أعظم وأهول، فإذا أنا بديباج قد مد بين السماء والأرض، فإذا قائل يقول: خذوه عن أعين الناس. ورأيت رجالا قد وقفوا فى الهواء بأيديهم أباريق فضة، وأنا أرشح عرقا كالجمان، أطيب ريحا من المسك الأذفر، وأقول: يا ليت
مخ ۴۶