اتحاف ذوی الالباب
إتحاف ذوي الألباب في قوله - تعالى -: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}
خپرندوی
منشورات منتديات كل السلفيين.
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢م.
ژانرونه
تفسیر
إِذْ لَا مَعْنَى لِمَحْوِهَا مِنْهُ يَقْتَضِي كَبِيرَ فَائِدَةٍ.
فَإِنْ قُلْتَ: عَلَامَ (١) تَحْمِلُ قَوْلَهُ - تَعَالَى -: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾؟ وَهَلْ هُوَ عَلَى العُمُومِ وَالخُصُوصِ؟
قُلْتُ: هُوَ عَلَى العُمُومِ فِيمَا يَشَاؤُهُ - تَعَالَى - مِنْ سَعَادَةٍ وَشَقَاوَةٍ وَرِزْقٍ وَأَجَلٍ - وَغَيْرِ ذَلِكَ - كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إِطْلَاقِ الآيَةِ، لَكِنَّ المَحْوَ وَالإِثْبَاتَ لَا يُحْمَلُ عَلَى نَفْسِ الكِتَابَةِ الَّتِي فِي اللَّوْحِ المَحْفُوظِ؛ بَلْ فِي مُتَعَلَّقِ الكِتَابَةِ الَّتِي فِي الخَارِجِ مِنَ المَوْجُودَاتِ؛ فَإِنَّ المَحْوَ تَارَةً (٢) يُرَادُ بِهِ ذَهَابُ أَثَرِ الكِتَابَةِ، وَهَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادًا فِي اللَّوْحِ، وَتَارَةً يُرَادُ بِالمَحْوِ مُطْلَقُ الإِزَالَةِ وَالتَّغْيِيرِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ المُرَادُ هُنَا، وَذَلِكَ مَشْهُورٌ فِي اللُّغَةِ، شَائِعٌ بِكَثْرَةٍ؛ قَالَ اللهُ - تَعَالَى -: ﴿فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ﴾ (٣)، وَقَالَ الشَّاعِرُ (٤):
مَحَا حُبُّهَا حُبَّ الأُلَى كُنَّ قَبْلَهَا ... . . . . . . . . . . . .
وَيُقَالُ: مَحَتِ الرِّيَاحُ رُسُومَ (٥) الدَّارِ.
_________
(١) بِفَتْحِ المِيمِ وَحَذْفِ الأَلِفِ، وَأَصْلُهَا - فِي السِّيَاقِ -: (عَلَى مَا)، حُذِفَتِ أَلِفُهَا؛ لأَنَّ (مَا) الاسْتِفْهَامِيَّةَ إِذَا دخَلَ عَلَيْهَا حَرْفُ جَرٍّ؛ حُذِفَتْ أَلِفُهَا وُجُوبًا لِلتَّفْرِيقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ (مَا) الخَبَرِيَّةِ.
(٢) بِالنَّصْبِ - دَائِمًا - عَلَى الظَّرْفِيَّةِ الزَّمَانِيَّةِ أَوِ المَفْعُولِيَّةِ المُطْلَقَةِ - عَلَى سَبِيلِ النِّيَابَةِ عَنِ المَصْدَرِ -.
(٣) سُورَةُ (الإِسْرَاء)، آيَة (١٢).
(٤) صَدْرُ البَيْتِ لِلْقَيْسِ بْنِ المُلَوّحِ - المَعْرُوفِ بِمَجْنُونِ لَيْلَى -، وَعَجُزُهُ:
............................ ... وَحَلَّتْ مَكَانًا لَمْ يَكُنْ حُلَّ مِنْ قَبْلُ
(٥) (الرَّسْمُ): الأَثَرُ مِنَ الشَّيْءِ أَوْ بَقِيَّتُهُ، وَ(رَسْمُ الدَّارِ): مَا كَانَ مِنْ آثَارِهَا لَاصِقًا بِالأَرْضِ.
1 / 68