وأما المعنى نقول: إن الطهارة من الحدث محض تعبد، وقد علق بسبب فلا يجب تغير السبب كسائر العبادات لما علقت بأسبابها لا تجب بغير تلك الأسباب.
وإنما قلنا: محض تعبد، لأن الحدث الخارج من السبيلين يوجب الوضوء في الأعضاء الأربعة، والسبب إذا كان في موضع والواجب في موضع آخر لم يكن السبب سببًا معنويًا مؤثرًا في إيجابها كزوال الشمس سبب لصلاة الظهر، وشهود الشهر سبب لوجوب الصوم، وليس هذا بسبب معنوي في إيجابه فكان الواجب محض تعبد، كذلك هاهنا لما لم يعرف معنى وجوب الوضوء في الأربعة مع وجود الحدث في غيرها لم يبق الوجوب إلا حكمًا شرعيًا بوصف التعبد المحض فلم يجب بغير السبب المعهد في الشرع ولم يقبل قياس غيره عليه، وللأصحاب مسائل إلزامية على أصوالهم تعلقوا بها ونذكرها في تخريجها على كلامهم، وعندي: أن الاعتماد على ما ذكرناه.
أما حجتهم:
قالوا: روت عائشة أن النبي ﵇ قال: «من قال أو رعف أو أمذى في صلاته فلينصرف وليتوضأ وليبن على صلاته ما لم يتكلم».
وروى تميم الداري أن النبي ﵇ قال: «الوضوء من كل دم سائل».
1 / 110