وقد أجمعوا على أن العدول عن حقيقة الكتاب لا يجوز بقول الواحد والاثنين من الصحابة، وكذلك بالقياس.
وأما قراءة الملامسة فهو لمعنى قوله: ﴿أو لمستم﴾ يقال: لامس، ولمس بمعنى واحد، وقد تأتي المفاعلة في الفعل من الواحد، كما يقال: سافر وسارع وطارق النعل.
وأما قوله: «إن الحمل على الوطء يفيد جواز التيمم للجنب».
قلنا: ومن أين قلتم إنه ينبغي أن يكون هذا الحكم مستفادًا من الكتاب بل نقول: هو مستفاد بالسنة وهو خبر عمار بن ياسر على ما عرف في المذهب. وعلى أن في الآية تقديمًا وتأخيرًا إذا قدرناه اقتضت جواز التيمم للجنب أيضًا، مع تقرير اللمس على حقيقته، ويفيد أيضًا ذكر أسباب الحدث جملة بالنص ودلالته.
ووجه ذلك وهو أن قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ﴾، معناه: إذا قمتم من النوم، وقد أفاد النوم وما في معناه من الجنون والإغماء وغير ذلك، ثم قوله: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الغَائِطِ﴾ مقدم في المعنى وإن كان مؤخرًا في التلاوة، وتقديره: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ﴾ يعني من النوم أو جاء أحد منكم من الغائط، وقد يتناول ذلك الغائط وما في معناه من البول والمذي والريح وغيره ﴿أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ ويتناول ذلك اللمس باليد وما في معناه ﴿فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ﴾ ... إلى آخر المذكور ثم قال: ﴿وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾
1 / 97