233

Issues of Rhetoric and Criticism by Abd al-Qahir al-Jurjani

من قضايا البلاغة والنقد عند عبد القادر الجرجاني

ژانرونه

مدحه لهم، لأنه مدح بعد مدح. ولأن هذه الخلابة التي بعثها في أسلوبه بهذا الخداع اللفظي نبهت السامع إلى أن يتجه إلى طريقته في مدحه، فينشط لسماع ما يثبته لهم من جليل الصفات وحميد الخصال. والضرب الثاني: أن يثبت لشيء صفة مدح، ويعقبها بأداة استثناء تليها صفة مدح أخرى ومثاله: قول النبي ﷺ: "أنا أفصح العرب بيد أني من قريش". بيد كغير لفظًا ومعنى، وهي أداة استثناء: لما أثبت النبي ﷺ لنفسه أنه أفصح العرب أشعر بهذا أن هذه الصفة قد كملت فيه، فلما عقب هذه الصفة بأداة استثناء - وهي بيد - أوهم هذا الصنيع أنه سيخرج شيئًا مما قبل الاستثناء، فلما لم يجد إلا صفة مدح أخرى مماثلة للتي أثبتها، وهي أنه من قريش، وقريش أفصح العرب، أثبتها هي الأخرى، فجاءت مدحًا بعد مدح، فتأكد المدح الأول. ووجه بلاغة هذا الضرب يرجع إلى الوجهين الأخيرين من ثلاثة الوجوه التي أسلفناها للضرب الأول: وهذا الوجهان هما ما يلي: -

1 / 230