Issues of Faith in the Book of Monotheism from Sahih al-Bukhari
مسائل العقيدة في كتاب التوحيد من صحيح البخاري
ژانرونه
جامعة الملك سعود
كلية التربية
قسم الثقافة الإسلامية
مسائل العقيدة في كتاب التوحيد
من صحيح الإمام البخاري
(عرض ودراسة)
- بحث تكميلي لنيل درجة الماجستير في العقيدة -
إعداد الطالب
يوسف بن حمود حوشان الحوشان
إشراف
أ. د. عبد العزيز سيف النصر عبد العزيز
١٤١٧ هـ - ١٤١٨ هـ
1 / 1
المقدمة
الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأرسل إلينا أفضل الأنبياء والمرسلين، وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس.
والصلاة والسلام على عبده ورسوله الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلاّ وحي يوحى. وبعد؛
فقد كان المسلمون حتى وفاة النبي ﷺ وصدر من عصر الصحابة -رضوان الله عليهم- على منهاج واحد، وسبيل متحد في الاعتقاد والأحكام، ولهذا كان بينهم من الوفاق العلمي والاتفاق العملي ما يجعلهم قدوة الأمة، يعض على أقوالهم بالنواجذ.
مصدرهم الذي يعتمدون: الكتاب والسنة؛ عنهما يصدرون، وإليهما يتحاكمون، وبهما يحتجون، لم يعرضوا عن نصوص الوحي، ولم يعارضوها، ولم يعطلوها ولم يحرفوها، ولا يقبلون من أحد - ولو علت في النفوس منزلته - مقالة في الدين حتى يأتي بشاهدين: الكتاب والسنة.
وقد أكمل الله لهم الدين فلم يزيدوه، وقد أتمه لهم فلم ينقصوه، وقد رضيه لهم فلم يسخطوه، وأصل الدين وأساسه معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته، ومعرفة ما يجب له على عباده.
ولا يجوز لأحد أن يظن برسول الله ﷺ أنه لم يبين ما يجب على المؤمن اعتقاده بربه، لأن هذا هو الذي أُمر بتبليغه، قال شيخ الإسلام ﵀ " من المحال في العقل والدين أن يكون السراج المنير الذي أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور، وأنزل معه الكتاب بالحق؛ ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه أن يكون قد ترك باب الإيمان بالله والعلم به ملتبسًا مشتبها، ولم يميز بين ما يجب لله من الأسماء الحسنى والصفات العليا، وما يجوز عليه، وما يمتنع
1 / 2
عليه، فإن معرفة هذا أصل الدين، وأساس الهداية وأفضل الأعمال، فكيف يكون القرآن والرسول والصحابة، وهم أفضل الخلق بعد النبيين - لم يحكموا هذا الباب اعتقادًا وقولًا". (١)
ولما بدأ الانحراف عن هذا المنهج كان لورثة الأنبياء الأئمة العلماء مقاومة لهذا الانحراف وتقويمًا له وكان أول أعمالهم بعد جمع القرآن، جمع الأحاديث النبوية والآثار السلفية عن أصحاب وتابعي خير البرية، ويصف ذلك العلامة المباركفوري بقوله: " إن أول عمل عمله العلماء التابعون المحدثون في هذه الأيام المظلمة أن دونوا علوم الحديث على الأصول الصحيحة، وألفوا وصنفوا". (٢)
ومن كبار علماء أهل السنة وأئمة الهدى الجامعين لميراث خير الورى، أمير المؤمنين في الحديث (أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري) المتوفى سنة ٢٥٦ هـ.
فإنه أجهد نفسه في جمع ما صح عن رسول الله ﷺ وبوبه وهذبه وصنفه على ابتكار عجيب وفقه بزَّ به من قبله وأعجز من بعده، حتى قيل:
أعيا فحول العلم حلّ رموز ما أبداه في الأبواب من أسرار
وأفراد لمهمات العقيدة أبوابًا، كان من أهمها كتاب التوحيد، وهو آخر جامعه الصحيح. وقد اشتمل على مسائل كثيرة نهج في ترتيبها نهجًا فريدًا في التبويب بآية أو حديث ويتبعه بما يستنبطه منه بإيراد حديث أو أثر يدل على ترجمة الباب، وقد حوى هذا الكتاب ثمانية وخمسين بابًا (٥٨) اشتملت على إحدى وثمانين ومأتي حديث وأثر (٢٨١).
_________
(١) مجموع فتاوي ابن تيمية ٥/ ٦ " بتصرف ".
(٢) سيرة الإمام البخاري لصفي الدين المباركفوري صـ ٢٢٥.
1 / 3
ولا يخفى ما لهذا الجامع العظيم من شروح كثيرة واختصارات وحواش جاوزت الـ (١١٥) ما بين مطبوع ومخطوط. (١)
وكتاب التوحيد داخل ضمن هذه المنظومة العظيمة، ولكن كثيرًا مِمَن تولى شرحه يلاحظ عليه عدم الالتزام بمنهج البخاري في مسائل العقيدة، فكثيرٌ من الصفات التي يثبتها البخاري مستدلًا عليها بنص من كتاب الله أو سنة رسوله ﷺ، غالب الشراح يحاولون ردها، إما بتأويلها، أو بدعوة في الإجماع على خلافها، أو التصرف بمنهج البخاري: كرد حديث الآحاد في العقيدة، ونحو ذلك.
وقد تبين لي هذا من مطالعة بعض شروح البخاري المتداولة. مثال ذلك: في أول شرح للبخاري وهو (أعلام الحديث) للإمام الخطابي -رحمه الله تعالى- فعند " باب ما جاء في قوله ﷿:
﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (١٦٤)﴾ [سورة النساء: ١٦٤]
قال: وليس في هذا الكتاب حديث أشنع ظاهرًا وأبشع مذاقًا من هذا الحديث - يعني حديث أنس في الإسراء والمعراج وفرض الصلاة- ورجح ﵀ أنه حكاية من أنس أو غيره - ثم قال - وأيهما صح هذا القول عنه وأضيف إليه فقد خالفه فيه عامة السلف المتقدمين والعلماء وأهل التفسير والتأويل منهم ومن المتأخرين (٢) وفي هذا تجاوز من الإمام الخطابي تجاوز الله عنا وعنه.
_________
(١) لتفصيل ما أجمل انظر: الإمام البخاري وصحيحه د. عبد الغني عبد الخالق صـ ٢٣٠ - ٢٤٥.
(٢) انظر تفصيلًا أعلام الحديث للخطابي ٤/ ٢٣٥٢ تحقيق د. محمد بن سعد.
1 / 4
وكقول ابن بطال -رحمه الله تعالى- في حديث (لا شخص أغير من الله) قال: " أجمعت الأمة على أن الله تعالى لا يجوز أن يوصف بأنه شخص لأن التوقيف لم يرد به" (١)، بينما في المسألة كلام طويل، وقد بوب له البخاري -رحمه الله تعالى-.
ومثل هذا يرد في بعض الشروح وهو ما أدى إليه اجتهادهم - يرحمهم الله جميعًا-. ولكنه خلاف قول السلف فلهم أجر الاجتهاد - إن شاء الله - وهو مغمور في بحر حسناتهم الكثيرة وخدمتهم لسنة النبي ﵊، فنسأل الله لهم الرحمة والمغفرة.
قال خاتمة الحفاظ ابن حجر ﵀ في مثل هذا: " ورد الروايات الصحيحة والطعن في أئمة الحديث الضابطين مع إمكان توجيه ما ردوا من الأمور التي أقدم عليها كثير من غير أهل الحديث، وهو يقتضي قصور فهم من فعل ذلك منهم". (٢)
ويستحضر هنا دقة البخاري -رحمه الله تعالى- حينما ألف الصحيح وأن شرطه سلامة المعتقد، فقال: " كتبت عن ألف وثمانين نفسًا ليس فيهم إلا صاحب حديث، وقال: لم أكتب إلا عن من قال الإيمان قول وعمل يزيد وينقص". (٣)
وانتظامًا في هذا السلك المشرّف وهذا الطريق السالك لمن دعى لهم النبي ﵊ بالنضارة وهم أهل السنة والحديث، حاولت السير في ركبهم باستخراج مسائل العقيدة من كتاب التوحيد في هذا الجامع العظيم وإبرازها وبيان فقه الإمام البخاري فيها لأسباب عدة بيانها فيما يلي:
_________
(١) فتح الباري ١٣/ ٤١١.
(٢) فتح الباري ١٣/ ٤١٣.
(٣) هدي الساري مقدمة فتح الباري صـ ٤٧٩.
1 / 5
أهمية وأسباب اختيار الموضوع:
١ - أن الجامع الصحيح له قصب السبق في تقديمه أصلًا للاعتقاد بعد القرآن الكريم.
٢ - إبراز الطريقة السلفية في الاعتقاد والاقتصار على المصدرين الأساسيين في التلقي وتفرع غيرهما عنهما.
٣ - إظهار جهود الإمام البخاري في العقيدة لا محدثًا فقيهًا فقط.
٤ - إظهار طريقة الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في استنباطه للمسائل العقدية وتميزه في ذلك.
٥ - بيان مخالفة بعض الشروح لمنهج الإمام البخاري في بعض مسائل العقيدة وتوجيه ذلك على منهج السلف.
٦ - إبراز الكتاب لجهد البخاري في فترة عصيبة للأمة وهي - فتنة خلق القرآن- وبيان موقفه منها، حيث ضرب بسهم وافر فيها، بل وامتحن بسببها.
1 / 6
أهداف البحث:
وهي فيما يلي:
١ - استخراج مسائل الاعتقاد من كتاب التوحيد في صحيح البخاري وتبويبها ثم الكلام عليها.
٢ - إظهار مراد البخاري منها بالجمع بين ترجمة الباب والأدلة التي ساقها.
٣ - دراسة هذه المسائل وبيان وجه الحق فيها والرد على المخالفين في ضوء معتقد السلف الصالح قدر الطاقة.
منهج البحث:
المنهج الاستقرائي للمسائل والتحليلي للنصوص، وهنا لابد من التمسك بغرض البخاري من الترجمة إذ بدون ذلك لا يمكن حصر مسائل العقيدة من جميع النصوص في رسالة واحدة، بل في عدة رسائل، فالموضوعات كثيرة، والشواهد كثيرة جدًا - من حيث هي نصوص - وسأقتصر على تبويب البخاري وغرضه من الترجمة حتى يمكن حصر الموضوع، وأرجو أن أتمكن من ذلك - بإذن الله-.،
1 / 7
خطة البحث:
تتكون خطة البحث من مقدمة وتمهيد وبابين وملحق وخاتمة وفهارس متعددة.
المقدمة: وقد سبق بيانها.
التمهيد: وفيه مبحثان:
المبحث الأول: حياة البخاري وفيه ثمانية مطالب:
المطلب الأول: اسمه ونسبه ومولده
المطلب الثاني: نشأته وسيرته العلمية.
المطلب الثالث: شيوخه وتلاميذه.
المطلب الرابع: مؤلفاته.
المطلب الخامس: شمائله.
المطلب السادس: علمه وثناء الأئمة عليه.
المطلب السابع: محنته في مسالة اللفظ.
المطلب الثامن: وفاته.
المبحث الثاني: التعريف بالجامع الصحيح وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأول: اسمه وموضوعه.
المطلب الثاني: سبب ومدة ومكان تأليفه.
1 / 8
المطلب الثالث: منهج البخاري في تصنيف الجامع ومكانته.
المطلب الرابع: قيمة كتاب التوحيد بين أبواب الجامع وعناية العلماء به.
1 / 9
الباب الأول: دراسة مسائل العقيدة في كتاب التوحيد
وفيه أربعة فصول
الفصل الأول: التوحيد والرد على الجهمية
وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: جهود العلماء في التأليف فيه.
المبحث الثاني: تعريف التوحيد.
المبحث الثالث: تعريف الجهمية.
الفصل الثاني: أول واجب على المكلفين.
الفصل الثالث: الأسماء الحسنى وفيه خمسة مباحث.
المبحث الأول: إثبات الأسماء الحسنى، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: إثباتها وأقسامها.
المطلب الثاني: دلالتها على الذات
المبحث الثاني: مسألة الاسم والمسمى.
المبحث الثالث: عَدّ الأسماء الحسنى وإحصاؤها.
المبحث الرابع: الأسماء التي ذكرها البخاري.
المبحث الخامس: إطلاق بعض النعوت على الله وفيه أربعة مطالب:
1 / 10
المطلب الأول: إطلاق الذات على الله
المطلب الثاني: إطلاق النفس على الله
المطلب الثالث: إطلاق الشيء على الله
المطلب الرابع: إطلاق الشخص على الله
الفصل الرابع: من أحكام الأسماء الحسنى وفيه مبحثان:
المبحث الأول: السؤال بالأسماء الحسنى والاستعاذة بها.
المبحث الثاني: الحلف بالأسماء الحسنى.
1 / 11
الباب الثاني: الصفات الإلهية
ويشتمل على تمهيد وخمسة فصول:
التمهيد: تعريف الصفة وأقسام الناس فيها.
الفصل الأول: الصفات الذاتية وفيه أربعة مباحث:
المبحث الأول: ما ورد في السمع والبصر.
المبحث الثاني: ما ورد في العلم والقدرة وفيه مطلبان:
المطلب الأول: ما ورد في العلم.
المطلب الثاني: ما ورد في القدرة.
المبحث الثالث: ما ورد في المشيئة والإرادة.
المبحث الرابع: الصفات (الخبرية) وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: ما ورد في الوجه.
المطلب الثاني: ما ورد في العين.
المطب الثالث: ما ورد في اليدين والأصابع.
الفصل الثاني: الصفات الفعلية وفيه مباحث:
المبحث الأول: الصفات الاختيارية [شبة قيام الحوادث بذاته تعالى].
المبحث الثاني: ما ورد في الاستواء على العرش.
المبحث الثالث: ما ورد في العلو.
1 / 12
الفصل الثالث: ما ورد في الرؤية.
الفصل الرابع: ما ورد في صفة الكلام.
الفصل الخامس: ما ورد في أفعال العباد.
ملحق في بيان منهج البخاري ﵀ في بيان مسائل العقيدة وردّه على المخالفين.
- الخاتمة: وفيها أهم النتائج وبعض التوصيات.
- المراجع.
- الفهارس المتنوعة.
1 / 13
بعض الضوابط التي سرت عليها:
١ - خرجت الآيات من القرآن الكريم.
٢ - خرجت الأحاديث التي في غير البخاري؛ أما ما كان في البخاري فلم أتعرض لما كان في كتاب التوحيد لأنه مجال البحث ولا تخلو منه صفحة وأما ما كان في غيره أبين مكانه (وإيراد الجميع مؤذنٌ بصحته إذ أجمعت الأمة على قبول ما في الصحيح) ويكون أتعزو برقم الحديث في المصادر الأخرى.
٣ - ما يورده البخاري معلقًا أشير إلى من وصله أن كان مما وقع فيه الخلاف خاصة أن ابن حجر قد تولى وصل جميع المعلقات في الصحيح في كتابه تغليق التعليق.
٤ - ترجمت لغير المشهورين من الأعلام خاصة من لهم صلة في المباحث وعرفت بالطوائف والبلدان المبهمة والألفاظ الغريبة.
٥ - أكثرت من النقول عن أئمة السلف في توضيح مسائل العقيدة لبيان موافقة البخاري لهم، خاصة من تقدمه منهم وصدرت كلامهم إذ أن مجال العقيدة مما يخشى أن يزل به بنان أو يعجز عنه البيان مع التوضيح والمناقشة عند الحاجة.
٦ - اكتفيت في تفصيل بعض المسائل المشهورة إلى الإحالة إلى المصادر التي تناولتها.
٧ - أخرت البيان المتعلق بالمصادر والمراجع إلى الفهرس المخصص لها حتى لا تتضخم الحواشي.
٨ - لكثرة النقل عن الإمام ابن حجر الشافعي ﵀ اكتفي بقول (قال الحافظ).
1 / 14
وفي الختام أحمد الله وهو للحمد أهل أن أعانني على إكمال هذا البحث على ما فيه من ضعف البشر وقصر النظر فما فيه من صواب فهو محض فضله ﷾ على عبده المسكين وأسأل الله أن يعفو عن الزلل.
ثم أشكره شكر العارف بنعمته وأسأله المزيد منها.
وأترحم على والدي الكريمين وأسأل الله أن يجزيهما عني خير الجزاء وألا يحرمهما جزاء ما ربيا وعلما، اللهم اغفر لهم وارحمهم وعافهم واعف عنهم.
كما أشكر القائمين على جامعة الملك سعود ممثلة بكلية التربية وقسم الثقافة الإسلامية فيها فجزى الله القائمين على ذلك خيرًا.
كما أشكر أساتذتي الكرام ومشايخي الفضلاء على ما أولوه من رعاية ونصح خلال مدة الدراسة.
وأخص منهم بالذكر فضيلة الأستاذ الدكتور محمد أبو الغيط الفرت الذي كان مع هذا البحث فكرةً وبحثًا وتشجيعًا وعنايةً بالباحث فجزاه الله عنى أفضل الجزاء.
وأجد القلم عاجزًا والبيان قاصرًا عن شكر أستاذي فضيلة الأستاذ الدكتور عبدا لعزيز سيف النصر المشرف على الرسالة الذي كان بحق الموجه والمشرف المتمكن علمًا وتواضعًا وتشجيعًا وتذليلًا لكثير من الصعوبات التي واجهت هذا البحث فأسال الله أن يجعل ما فعله صلاحًا في نفسه وولده وأن يجزيه عني خير الجزاء وأشكر سلفًا الأستاذ الدكتور شوقي إبراهيم على تلطفه في قبول مناقشة البحث وتشجيعه المستمر وعنايته بهذا البحث.
1 / 15
كما أشكر كل من ساعدني في هذا العمل بأي وسيلة، وإن كنت خاصًا أحدًا بذكر - وكلهم أهل لذلك - ففضيلة المشايخ: د. إبراهيم الصبيحي ود. عبد الرحمن المحمود ود. محمد الوهيبي.
ثم الشكر الخاص/ لأشقائي الذين كانوا الطاقة المعينة بعد الله لإكمال هذا البحث فلا حرمهم الله أجر ذلك فجز الله الجميع خير الجزاء وأجزل لهم في الدارين العطاء.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.،،
1 / 16
التمهيد
المبحث الأول: حياة البخاري
المطلب الأول: اسمه ونسبه ومولده
المطلب الثاني: نشأته وسيرته العلمية
المطلب الثالث: شيوخه وتلاميذه
المطلب الرابع: مؤلفاته
المطلب الخامس: شمائله
المطلب السادس: علمه وثناء الأئمة عليه
المطلب السابع: محنة الإمام البخاري في [مسألة اللفظ]
المطلب الثامن: وفاته
1 / 17
المبحث الأول: حياة البخاري
المطلب الأول: اسمه ونسبه ومولده:
هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة الجعفي (مولاهم) البخاري وبردزبة مجوسي مات عليها (١).
والمغيرة بن بردزبة أسلم على يدي يمان الجعفي والي بخاري فنسب إليه البخاري، لأنه مولاه من فوق ولاء إسلام - على قول من يقول بالولاء لمن أسلم -.
ووالده أبو الحسن إسماعيل بن إبراهيم، كان من العلماء الورعين ذكره ابنه الإمام البخاري في تاريخه. (٢)
_________
(١) (*) ... كتب في ترجمة البخاري الكثير.
وأقدم ترجمة له هي (شمائل البخاري) لوراقة وتلميذه: أبوجعفر محمد بن أبي حاتم البخاري وقد رواها عنه الأئمة من بعده، انظر سير أعلام النبلاء (١٢/ ٣٩٢) وله ترجمة في: الفهرست لابن النديم ١/ ٥٢١ وتاريخ بغداد (٢/ ٤، ٣٤) وطبقات الحنابلة لابي يعلى (١/ ٢٧١ - ٢٧٩) والأنساب للسمعاني (٣/ ٢٦٨). والتهذيب في الأسماء واللغات للنووي (١/ ٦٧ - ٧٣) ووفايات الأعيان لابن خلكان (٤/ ١٨٨)، وطبقات الشافعية للسبكي (٢/ ٢١٢)، وسير أعلام النبلاء للذهبي (١٢/ ٣٩١)، وابن حجر في مقدمة الفتح وفي نهاية تغليق التعليق (٥/ ٣٨٤) وهناك من أفرد له ترجمة خاصة منها:
١ - سيرة الإمام البخاري للعلامة عبد السلام المبارك فوري ت ١٣٤٢ هـ في ٤٥٠ صفحة تقريبًا نشرته إدارة البحوث بالجامعة السلفية بالهند - طبع مرتان الثانية ١٤٠٧ هـ.
٢ - الإمام البخاري وصحيحه للدكتور عبد الغني عبد الخالق - طبع عام ١٤٠٥ هـ. من دار المنارة في جدة في ٢٦٠ صفحة.
٣ - الإمام البخاري محدثًا وفقيهًا للدكتور الحسين عبد المجيد هاشم - أمين عام مجمع البحوث الإسلامية- عن منشورات المكتبة العصرية بلبنان في ٢٨٠ صفحة بدون تاريخ.
٤ - حياة البخاري للشيخ جمال الدين القاسمي - طبع في حياة المؤلف أول مرة سنة (١٣٣٠ هـ) عن دار الفرقان بلبنان ثم حققه محمود الأرناؤوط عن دار النفائس عام ١٤١٢ هـ في ١٠٠ صفحة.
٥ - الإمام البخاري فقيه المحدثين ومحدث الفقهاء للدكتور نزار الحمداني نشرته جامعة أم القرى عام ١٤١٢ هـ في ٢١٠ صفحات.
وغيرها كثير ضمن سلاسل علمية كثيرة وما سبق أهمها وأشملها.
(٢) التاريخ الكبير للبخاري ٢/ ٣٤٢.
1 / 18
وقال: رأى حماد بن زيد (١)، وصافح ابن المبارك بكلتا يديه، وقد سمع من الإمام مالك بن أنس وروى عن حماد بن زيد وعبد الله المبارك.
وروى عنه أحمد بن حفص قال: دخلت عليه عند موته، فقال: لا أعلم في جميع مالي درهمًا من شبهة. قال ابن حفص: فتصاغرت إلى نفسي عند ذلك.
وقد علق البخاري على قول والده بقوله: إن أصدق ما يكون المرء عند موته.
ولد الإمام ﵀ في بيت علم وفضل وصلاح ببخارى (٢) يوم الجمعة بعد الصلاة لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر شوال سنة ١٩٤ هـ، كما سجل ذلك والده بخط يده (٣) وهو يوافق ٢١ يوليه عام ٨١٠ م.
_________
(١) حماد بن زيد بن درهم أبو إسماعيل البصري: شيخ العراق في عصره من حفاظ الحديث المجودين خرَّج حديثه الأئمة الستة. ت ١٧٩ هـ، الأعلام (٢/ ٢٧١).
(٢) وهي من مدن (ازبكستان) في الجمهوريات الإسلامية الآن في آسيا.
(٣) هدى الساري لابن حجر صـ ٤٧٧.
1 / 19
المطلب الثاني: نشأته وسيرته العلمية
نشأ الإمام البخاري ﵀ يتيمًا في حجر أمه هو وأخوه أحمد، وقد ابتلي ﵀ بفقد البصر صغيرًا ثم رد الله بصره، فقد رأت أمه في المنام إبراهيم ﵇، فقال لها: يا هذه قد ردَّ الله على ابنك بصره لكثرة بكائك، أو لكثرة دعائك. فأصبح وقد رد بصره. (١)
وربما عاوده هذا البلاء في أثناء طلبه للعلم قال مرة: لما بلغت خرا سان أصيب بصري فعلمني رجل أن أحلق رأسي وأغلفه بالخطمي (٢) ففعلت فرد الله علي بصري. (٣)
وقد سأله وراقه محمد بن أبي حاتم (٤) عن نشأته في طلب العلم، فأجاب عن نفسه فقال: ألهمت حفظ الحديث وأنا في الكتاب، قال: كم كان سنك؟ فقال: عشر سنين أو أقل ثم خرجت من الكتاب بعد العشر.
قال: وكنت أختلف إلى الفقهاء بمرو وأنا صبي، فإذا جئت استحي أن أسلم عليهم، فقال لي مؤدب من أهلها: كم كتبت اليوم؟ فقلت: اثنين أردت بذلك حديثين، فضحك من حضر المجلس، فقال شيخ منهم: لا تضحكوا، فلعله يضحك منكم يومًا.
قال: وكنت أختلف إلى الداخلي (٥) وغيره. فقال يومًا فيما يقرأ للناس: سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم، فقلت له: إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم فانتهرني، فقلت له ارجع إلى
_________
(١) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٢/ ١٠.
(٢) ضرب من النبات يغتسل به، لسان العرب ٢/ ٨٦٢.
(٣) طبقات الشافعية للسبكي ٢/ ٢١٦.
(٤) محمد بن أبي حاتم البخاري: أبو جعفر محمد بن أبي حاتم الورَّاق النحوي.
(٥) الداخلي: لم أجد له ترجمة.
1 / 20