============================================================
التوتر، وتتصاعد النغمات من الكلمات تلطف حدة التوتر، فنعيش لحظة فريدة، تعم فيها النشوة كاقة مذاقاتنا .
يفرح السالك بوصية قطب الشريعة ويرغب في استدامة صحبته، غير آن قطب الشريعة لا يصحب إلا مولاه، لذلك يتركه السالك بعد امن يشكره على ما بينه له من حقائق المقامات وأسرار الصوفية ؛ ويتطي متون الرفارف ، ويطير الى الملأ الأعلى، حيث يعاين من علم الغيوب عجائبا ومن ثم يطلب حضرة قاب قوسين 5- القسم الرابع : يدخل السالك هنا حضرة بعد حضرة، وهي خمس : قاب قوسين - أو أدنى - اللوح الأعلى - الرياج وصلصيلة الجرس - أوحى . وفي كل حضرة من هذه الحضرات يناجى، يكلم، يعلم، ويفهم.
ففي الأولى، أي حضرة قاب قوسين، نودي السالك ، وقيل له؛ يا زهرة المحبين، ويا جمال الوارثين، ماذا لقيت في طريقك الينا، وبماذا وفدت به علينا؟.. فاندفع يرتل جمال مشاهداته منذ فارق عنصر الماء وعرج الى أول سماء، ويرصف فوائد لقاءاته بالأنبياء في السموات السبع وبقطب الشريعة في حضرة الكرسي فلما انتهى السالك من رواية حديث الأغيار، خلصه المعبود من كل نظر، وأرخى عليه ثوب العبودية . وابتداء من هذه اللحظة نلاحظ أن السالك أصبح ينادى في كل مناجاة بلفظ : " يا عبدي" ؛ وفي ذلك اشارة الى تحققه بخصوصية العبودية : "يا عبدي، لا تحذ الكلام، فإني المكلم والمكلم ومني الكلام . فلا تجعل كلامي سوائي، كما لم يسغني أرضي ولا سمائي" .
طار السالك على جناح الفناء الى حضرة " أو أدنى ، فلما نزل بفنائها وسقط على حيطان أسمائها، أخذ يشكو شوقه ووجده ونحيبه، فكان النداء : "ذلك إرادت فسلم ، وإلى جري مقاديري عليك فوض أمرك واستسلم . وهنا يأتي الدرس الثاني، بعد درس العبودية الذي تعلمه في حضرة قاب قوسين، ويتلخص بتسليم الإرادة وتفويض الأمر والاستسلام . خطاب نشعر أنه يأخذ ابن عريي من النظر في ذاته إلى النظر في إرادة الحق عز وجل فيه ؛ وينتقل النص من بث للأشواق والوجد، إلى بيان إرادة الحق عز وجل في ابن عريي، يريد الحق ان يناجيه كمناجاته للامام ابن حامد الغزالي؛ فعليه أن يلقي السمع لإدراك غوامض الأسرار، ويجد إدراك البصيرة إلى إدراك مشارق الأنوار.
مخ ۳۹