============================================================
مقصود، إلا أننا نستشف منه رائحة عروج حدثت، وتتلامح دون بيان. يقول في رسالته لبعض أخوانه : "صفا لك من الماجد الجواد جميل ما أولاك، وكشف لك عن حقيقة ما به بداك ، وقربك في الزلفى لديه وأدناك ، وبسطك بالتأنيس في محل قربه وناجاك ، وأيدك في عظيم تلك المؤاطن ، وقريب تلك الأماكن ، بالقوة والتمكين، والهدوء والدعة والتسكين. فاين آنت وقد أقبل بك كلك عليه، وأقبل بما يريده منك لديه، وقد بسط لك في استماع الخطاب، وبسطك إلى رذ الجواب، فأنت حينئذ يقال لك، وأنت قائل .. "(32).
أما أول معراج صوفي واضح، فهو ما يرويه أبو يزيد البسطامي (23)، ويدأه بتعريفنا أنه رؤيا منامية، فيقول : " رأيت في المنام كأني عرجت إلى السموات قاصدا إلى الله ولكن معراج البسطامي ، بخلاف معراج النبي الذي كان تشريفا وتكريا، يتجلى أمام أعيننا معراج امتحان؛ وها هو البسطامي كلما وصل سماء تنبسط له العطايا مغرية بالالتفات والركون، داعية النفس إلى الإستقرار وترك متابعة التوجه والقصد؛ والبسطامي كان يعلم أنه في ذلك كله نمتحن، فلم يكن ينظر إلى شيء إجلالا لحرمة الله . وكان كلما وصل سماء، وكشفت له عن معالم حسنها، وتزينت بسكانها من الملائكة، يعرض عن كل شيء ويخاطب ربه قائلا : " مرادي غير ما تعرض علي" ؛ وحين كان ينطق بهذه العبارة التي تكشف صدق ارادته في القصد إلى الله عز وجل، كانت تجذيه يد ملك إلى السماء التي تعلوها، . ونلاحظ هنا أنه لم يلتق في السموات، أحدا من الأنبياء أو الرسل - كما في المعراج النبوي - بل كانت السموات عامرة بالملائكة العباد، وكانت هذه الملائكة تدعوه لأن يقيم معها ويشاركها عبادة الله عز وجل وتسبيحه وحين وصل أبو يزيد السماء السابعة سمع مناديا ينادي : "يا أبا يزيد، قف قف، فإنك قد وصلت إلى المنتهى،؛ فلم يلتفت إلى قوله، لأنه كان يعلم أن ذلك كله امتحان لصدق إرادته وفصده إلى الحق عز وجل . وحين دلل على (32) أبو القاسم الجنيد . رسائل الجنيد . نشر علي حن عبد القادر . الرسالة الأولى ص 1.
(33) انظر كتاب المعراج للقشيري نشر هلي حسن عبد القادر . دار الكتب الحديثة . القاهرة 1964 ملحق رقم 2ص ص 129 - 135 "رؤيا آبويزيده
مخ ۳۰