مثال الأول أي الرجوع عن العمل: ما نقل عن الفتاوى الهندية: لو أن فقيهًا قال لامرأته: (أنت طالق البتة) وهو يرى أن الطلاق يقع ثلاثًا، فأمضى فيما بينه وبينها، وعزم على أنها حرمت عليه. ثم رأى بعدئذ أنها تطليقة رجعية، أمضى رأيه الأول الذي كان عزم عليه، ولايردها إلى أن تكون زوجته برأي حدث من بعد.
وكذلك لوكان في الابتداء يراها تطليقة رجعية، فعزم على أنها امرأته، ثم رأى بعد أنها ثلاث، لم تحرم عليه. هذا ويلاحظ أن بطلان التلفيق بعد العمل مقيد بقيدين:
أولهما - أن يبقى من آثار الفعل السابق أثر يؤدي إلى تلفيق العمل بشيء لايقول به كل من المذهبين كتقليد الشافعي في مسح بعض الرأس، ومالك في طهارة الكلب في صلاة واحدة. وكما لو أفتى مفت ببينونة زوجته بطلاقها مكرهًا، ثم نكح أختها مقلدًا للحنفي بوقوع طلاق المكره. ثم أفتاه شافعي بعدم الحنث، فيمتنع عليه أن يطأ الأولى، مقلدًا للشافعي والثانية مقلدًا للحنفي، لأن إمضاء الفعل كإمضاء القاضي لا ينقض.
ثانيهما - أن يكون ذلك في حادثة واحدة بعينها لا في مثلها، كما لو صلى ظهرًا بمسح ربع الرأس مقلدًا للحنفي، فليس له إبطال طهارته باعتقاده لزوم مسح الكل مقلدًا للمالكي. وأما لوصلى يومًا على مذهب، وأراد أن يصلي يومًا آخر فلا يمنع منه (١).
مثال الثاني أي الرجوع عن أمر مجمع عليه: لو قلد رجل أبا حنيفة في عقد النكاح بلا ولي، فيستلزم العقد صحة إيقاع الطلاق، لأنها أمر لازم لصحة النكاح إجماعا، فلو طلقها ثلاثا، ثم أراد تقليد الشافعي في عدم وقوع الطلاق لكون النكاح