الفرع الثالث - هل يجب سؤال الأفضل والأرجح في العلم، أو يصح سؤال من تيسر؟ عبارة الأصوليين المشهورة في هذه المسألة هي: هل يجوز تقليد المفضول مع وجود الأفضل؟
للعلماء رأيان في ذلك (١).
١ - قال جماعة (وهو مذهب أحمد في رواية عنه وابن سريج والقفال الشافعيين، وأبي إسحاق الإسفراييني الملقب بالأستاذ، وأبي الحسن الطبري الملقب بالكِيَا، واختاره الغزالي، وهو المذهب المشهور عند الشيعة): يجب استفتاء (٢) الأفضل في العلم والورع والدين، ويجب على السائل النظر في الأرجح، ثم اتباعه، ويكفيه الاعتماد على الشهرة. قال الغزَّالي في المستصفى (٣):
«والأولى عندي أنه يلزمه اتباع الأفضل، فمن اعتقد أن الشافعي ﵀ أعلم، والصواب على مذهبه أغلب، فليس له أن يأخذ بمذهب مخالفه بالتشهي».
ودليل هؤلاء: هو أن أقوال المجتهدين بالنسبة للناس كالأدلة والأمارات المتعارضة بالنسبة للمجتهد، فيجب على السائل الترجيح، ولاترجيح إلا بالفضل
(١) انظر التقرير والتحبير: ٣٤٥/ ٣ومابعدها، فواتح الرحموت: ٤٠٣/ ٢ ومابعدها، مسلم الثبوت: ٣٥٤/ ٢، اللمع في أصول الفقه للشيرازي: ص٦٨، الإحكام للآمدي: ١٧٣/ ٣، المدخل إلى مذهب أحمد: ص ١٩٤، فتاوى الشيخ عليش: ٦١/ ١، ٧١، حاشية ابن عابدين: ٤٥/ ١، ط الأميرية، رسالة في أصول الفقه لابن عربي: ص٣٢، المستصفى: ١٢٥/ ٢، إرشاد الفحول: ص٢٣٩.
(٢) الاستفتاء: هو السؤال عن الحكم عند المجتهد لأجل العمل بقوله، سواء أكان المسؤول هو المجتهد نفسه، أو من نقل عنه نقلًا صحيحًا ولو بواسطة (تحفة الرأي السديد لأحمد الحسيني: ص ٢٣٩).
(٣) المستصفى: ١٢٥/ ٢.