اسلام شريکان
الإسلام شريكا: دراسات عن الإسلام والمسلمين
ژانرونه
ويصبح موقف الأصوليين - أو الشموليين - في تضييق حدود القدرات والإمكانات البشرية أكثر وضوحا عند أبي الأعلى المودودي (1903-1979م)، زعيم «جماعتي إسلامي» في الهند وباكستان. وهو فيما يبدو يرى أيضا أن من الأمور البديهية أن يكون الإنسان هو نائب الله على أرضه. غير أن الإنسان الذي يقوم بهذه الوظيفة لا يبقى، فحسب، خاضعا للقانون أو الشرع الإلهي، ولكن هذا القانون ثابت ثبوتا مطلقا وصادق صدقا أبديا.
25
صحيح أن المودودي يعترف نظريا بالقياس، والاجتهاد، والاستحسان، بل يعترف كذلك بالتأويل، ولكن المجال الذي يفسحه لتطبيق هذه المناهج على القانون (الشرع) الإسلامي يبلغ من الضيق حدا يجعلها عديمة التأثير من الناحية العملية.
26
ومن الإنصاف أن ننوه بالدولة الإسلامية التي تقوم - في تصور المودودي - على أسس ديموقراطية: فهو يفترض أن النيابة عن الله لا ينهض بأمانتها فرد ولا دولة ولا طبقة، بل تتولاها الجماعة الإسلامية المهيأة للوفاء بشروط هذه الرتبة الرفيعة، كما أن كل عضو من أعضاء هذه الجماعة مشارك في تحمل تلك الأمانة وحملها. وتستطيع الجماعة أن تعهد بأمانة هذه النيابة لشخص يتمتع بثقتها، ولكنه إذا فقد هذه الثقة فلا بد أن يستقيل من مهمته.
27
وإذا أمعنا النظر في هذه الجماعة التي يتصورها المودودي وجدنا أنها لا يمكن أن تتألف إلا من مسلمين خاضعين للقانون (أو للشرع) كما يفهمه. فالديموقراطية في نظره ديموقراطية إسلامية. وكل من يتصور أن التعاليم الإلهية يمكن أن تعدل أو تبدل أو تنبذ بحكم بشري، سواء كان فرديا أو جماعيا، فلن يكون له مكان في الجماعة الإسلامية، ولن يكون مهيأ للمواطنة في الدولة الإسلامية.
28
وطبيعي أن غير المسلمين سينحصر وضعهم في هذه الحالة في الوضع الذي بينه الشرع لأهل الذمة؛ سيكون عليهم أن يدفعوا الجزية، وسيكون من حقهم أن يصلحوا أماكن عبادتهم دون أن يصرح لهم ببناء أماكن أخرى جديدة، كما لا يحق لهم أن يمثلوا في البرلمان.
29
ناپیژندل شوی مخ