316

Islam Q&A

موقع الإسلام سؤال وجواب

ژانرونه

الحكمة من إخفاء عذاب القبر عن البشر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عذاب القبر من أمور الغيب أو من أمور الشهادة؟ وما هي الحكمة من جعله من أمور الغيب؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين ﵀:
" عذاب القبر من أمور الغيب، وكم من إنسان في هذه المقابر يعذب ونحن لا نشعر به، وكم جار له منعم مفتوح له باب إلى الجنة ونحن لا نشعر به، فما تحت القبور لا يعلمه إلا علام الغيوب، فشأن عذاب القبر من أمور الغيب، ولولا الوحي الذي جاء به النبي ﵊، ما علمنا عنه شيئًا، ولهذا لما دخلت امرأة يهودية إلى عائشة وأخبرتها أن الميت يعذب في قبره فزعت حتى جاء النبي ﷺ، وأخبرته وأقر ذلك ﵊، ولكن قد يُطلِعُ الله تعالى عليه من شاء من عباده، مثل ما أطلع نبيه ﷺ على الرجلين اللذين يعذبان، أحدهما يمشي بالنميمة، والآخر لا يستنزه من البول.
والحكمة من جعله من أمور الغيب هي:
أولًا: أن الله – ﷾ – أرحم الراحمين فلو كنا نطلع على عذاب القبور لتنكد عيشنا، لأن الإنسان إذا اطّلِع على أن أباه، أو أخاه، أو ابنه، أو زوجه، أو قريبه يعذب في القبر ولا يستطيع فكاكه، فإنه يقلق ولا يستريح. وهذه من نعمة الله سبحانه.
ثانيًا: أنه فضيحة للميت فلو كان هذا الميت قد ستر الله عليه ولم نعلم عن ذنوبه بينه وبين ربه ﷿ ثم مات وأطلعنا الله على عذابه، صار في ذلك فضيحة عظيمة له ففي ستره رحمة من الله بالميت.
ثالثًا: أنه قد يصعب على الإنسان دفن الميت كما جاء عن النبي ﵊: " لولا ألا تدافنوا لسألت الله أن يسمعكم من عذاب القبر" رواه مسلم ٢٨٦٨.
ففيه أن الدفن ربما يصعب ويشق ولا ينقاد الناس لذلك، وإن كان من يستحق عذاب القبر عذب ولو على سطح الأرض، لكن قد يتوهم الناس أن العذاب لا يكون إلا في حال الدفن فلا يدفن بعضهم بعضًا.
رابعًا: أنه لو كان ظاهرًا لم يكن للإيمان به مزية لأنه يكون مشاهدًا لا يمكن إنكاره، ثم إنه قد يحمل الناس على أن يؤمنوا كلهم لقوله تعالى: (فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده) غافر / ٨٤، فإذا رأى الناس هؤلاء المدفونين وسمعوهم يتصارخون آمنوا وما كفر أحد لأنه أيقن بالعذاب، ورآه رأي العين فكأنه نزل به.
وحِكَم الله ﷾ عظيمة، والإنسان المؤمن حقيقة هو الذي يجزم بخبر الله أكثر مما يجزم بما شاهده بعينه؛ لأن خبر الله ﷿ لا يتطرق إليه احتمال الوهم ولا الكذب، وما تراه بعينيك يمكن أن تتوهم فيه، فكم من إنسان شهد أنه رأى الهلال، وإذا هي نجمة، وكم من إنسان شهد أنه رأى الهلال وإذا هي شعرة بيضاء على حاجبه وهذا وهم، وكم من إنسان يرى شبحًا ويقول: هذا إنسان مقبل، وإذا هو جذع نخلة، وكم من إنسان يرى الساكن متحركًا والمتحرك ساكنًا، لكن خبر الله لا يتطرق إليه الاحتمال أبدًا.
نسأل الله لنا ولكم الثبات، فخبر الله بهذه الأمور أقوى من المشاهدة، مع ما في الستر من المصالح العظيمة للخلق. والله أعلم."
[الْمَصْدَرُ]
مجموع فتاوى الشيخ بن عثيمين ﵀ ٢/٣٢.

1 / 315