294

Islam Q&A

موقع الإسلام سؤال وجواب

ژانرونه

حشر الناس والدواب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن تخبرنا عن هيئة الناس عند البعث؟ هل سيكونون بملابس أم لا؟ وهل الحيوانات ستقوم بعد الموت أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سمى الله تعالى يوم القيامة بيوم الجمع لأن الله يجمع فيه العباد إنسهم وجنهم قال تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ) هود / ١٠٣. وقال تعالى: (قُلْ إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) الواقعة / ٤٩-٥٠. وقال تعالى: (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا) مريم / ٩٣-٩٥. وقال تعالى: (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا) الكهف / ٤٧.
ومما يدخل في هذا الحشر حشر البهائم، يقول شيخ الإسلام:
وأما البهائم فجميعها يحشرها الله سبحانه كما دل عليه الكتاب والسنة قال تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) الأنعام / ٣٨. وقال تعالى: (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) التكوير / ٥. وقال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ) الشورى / ٢٩. وحرف (إذا) إنما يكون لما يأتي لا محالة والأحاديث في ذلك مشهورة، فإن الله ﷿ يوم القيامة يحشر البهائم ويقتص لبعضها من بعض ثم يقول لها: كوني ترابا فتصير ترابا، فيقول الكافر حينئذ: (يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا) النبأ / ٤٠. ومن قال إنها لا تحيا فهو مخطئ في ذلك أقبح خطأ، بل هو ضال أو كافر والله أعلم. اهـ
مجموع الفتاوى ٤/٢٤٨.
روى أحمد (٢٠٥٣٤) عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ جَالِسًا، وَشَاتَانِ تَقْتَرِنَانِ، فَنَطَحَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى فَأَجْهَضَتْهَا، قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقِيلَ لَهُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: عَجِبْتُ لَهَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُقَادَنَّ لَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. أي لَيُقْتَصَّنَّ لها.
قال أحمد شاكر: إسناده حسن متصل اهـ.
وروى مسلم (٢٥٨٢) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنْ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ) .
والجلحاء هي التي لا قرن لها.
قال النووي:
هَذَا تَصْرِيح بِحَشْرِ الْبَهَائِم يَوْم الْقِيَامَة، وَإِعَادَتهَا يَوْم الْقِيَامَة كَمَا يُعَاد أَهْل التَّكْلِيف مِنْ الآدَمِيِّينَ، وَكَمَا يُعَاد الأَطْفَال وَالْمَجَانِين وَمَنْ لَمْ تَبْلُغهُ دَعْوَة، وَعَلَى هَذَا تَظَاهَرَتْ دَلَائِل الْقُرْآن وَالسُّنَّة. قَالَ اللَّه تَعَالَى: (وَإِذَا الْوُحُوش حُشِرَتْ) وَإِذَا وَرَدَ لَفْظ الشَّرْع، وَلَمْ يَمْنَع مِنْ إِجْرَائِهِ عَلَى ظَاهِره عَقْل وَلا شَرْع وَجَبَ حَمْله عَلَى ظَاهِره. قَالَ الْعُلَمَاء: وَلَيْسَ مِنْ شَرْط الْحَشْر وَالإِعَادَة فِي الْقِيَامَة الْمُجَازَاة وَالْعِقَاب وَالثَّوَاب، وَأَمَّا الْقِصَاص مِنْ الْقَرْنَاء لِلْجَلْحَاءِ فَلَيْسَ هُوَ مِنْ قِصَاص التَّكْلِيف إِذْ لا تَكْلِيف عَلَيْهَا، بَلْ هُوَ قِصَاص مُقَابَلَة. وَاَللَّه أَعْلَم اهـ.
ويحشر العباد يوم القيامة حفاة عراة غرلا –أي غير مختونين- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلا) ثُمَّ قَرَأَ: (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ وَإِنَّ أُنَاسًا مِنْ َصْحَابِي يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ أَصْحَابِي أَصْحَابِي فَيَقُولُ إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ: (وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١١٧) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» رواه البخاري ٣٣٤٩.
وعن عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلا) قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ! فَقَالَ: (الأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يُهِمَّهُمْ ذَاكِ) رواه البخاري ٦٥٢٧.
وجاء في الحديث أن الإنسان يبعث في الثياب التي مات فيها عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ دَعَا بِثِيَابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَهَا ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (إِنَّ الْمَيِّتَ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا) رواه أبو داود (٣١١٤) وصححه الألباني في السلسة الصحيحة ١٦٧١.
ولعل هذا الحديث يشكل مع ما قبله من أن العباد يبعثون عراة، فأجاب العلماء بأجوبة للتوفيق بين الأحاديث فمن أوجه الجمع:
١- أنهم يبعثون فيها ثم تبلى بعد القيام فإذا وافوا الموقف كانوا عراة.
٢- أنهم يبعثون عراة ثم إذا كسي الأنبياء والصديقون ومن بعدهم كُسِيَ كلٌّ من جنس ما مات فيه من الثياب.
٣- وحمل بعض العلماء هذا الحديث على الشهداء فإنهم هم الذين أمر الرسول ﷺ أن يدفنوا في ثيابهم التي ماتوا فيها. فيبعثون في ثيابهم تمييزًا لهم عن غيرهم.
٤- أن المراد بالثياب الأعمال الصالحة كما قال تعالى: (وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ) وقوله: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) والمعنى يبعث المرء على ما مات عليه من عمل إن خيرا فخير وإن شرا فشر، يدل عليه حديث جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ: (يَقُولُ يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ) رواه مسلم ٢٨٧٨ وحديث ابْنَ عُمَرَ ﵁ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ) رواه البخاري ٧١٠٨، ومما يدل عليه حديث ابْنِ عَبَّاسٍ ﵁ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَوَقَصَتْهُ أَوْ قَالَ فَأَوْقَصَتْهُ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ وَلا تُحَنِّطُوهُ وَلا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا) رواه البخاري ١٢٦٥، وعن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (كُلُّ كَلْمٍ يُكْلَمُهُ الْمُسْلِمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهَا إِذْ طُعِنَتْ تَفَجَّرُ دَمًا اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالْعَرْفُ عَرْفُ الْمِسْكِ) رواه البخاري ٢٣٧، ومن هنا استحب تلقين الميت لا إله إلا الله وذلك لتكون هذه الكلمة الطيبة آخر كلامه من الدنيا وعليها يبعث يوم القيامة.
انظر فتح الباري (١١/٣٨٣) .
ويحشر الناس في ذلك اليوم على أرض أخرى غير هذه الأرض، ولها خصائص معينة بينتها السنة فعن سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ كَقُرْصَةِ نَقِيٍّ) قَالَ سَهْلٌ أَوْ غَيْرُهُ: لَيْسَ فِيهَا مَعْلَمٌ لأَحَد. رواه البخاري ٦٥٢١.
والعفراء أي بيضاء تضرب إلى الحمرة قليلا وقيل بيضاء بياضا غير ناصع وقيل خالصة البيضاء.
وقرصة النقي هي القرصة من الدقيق النقي من الغش والنخال.
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب

1 / 293