هل الأنبياء متساوون
[السُّؤَالُ]
ـ[أساعد في تعليم فتيات عن الإسلام مرة أسبوعيًا. وفي الأسبوع الماضي إحدى البنات سألتني السؤال التالي وحقيقة لم أستطع الرد عليه وأخبرتها أنني سأبحث لها عن الجواب أو أسأل لها شخصا ما، كان السؤال هل الأنبياء يعتبرون متساوين؟ لو كان الأمر هكذا، لماذا يوجد نبي في كل مستوى من الجنة والنبي محمد في أعلاها السماء السابعة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إن العباد جميعًا خلق لله تعالى وهم عباده، وهو سبحانه له الحكم وله الأمر من قبل ومن بعد، ولقد اقتضت حكمة الله تعالى أن يصطفي من الملائكة بعضهم على بعض، وفضَّل بعضهم على بعض كتفضيل جبريل وميكائيل وإسرافيل ومالك ورضوان وغيرهم على من سواهم، كما اقتضت حكمته وعدله أن يصطفي من بني آدم بعضًا منهم، وأنه فضَّل بعضهم على بعض في المنزلة والمكانة والخيرية، كما قال تعالى: (الله يصطفي من الملائكة رسلًا ومن الناس إن الله سميع بصير) وقال ﷾ (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض، منهم من كلَّم اللهُ ورفع بعضهم درجات) وأخبر ﷾ أنه قد اصطفى واجتبى من الناس هؤلاء الرسل فقال جل وعلا بعدما ذكر جملة من الأنبياء والمرسلين (ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم) وقال تعالى (والله فضَّل بعضكم على بعض في الرزق)، اقتضت حكمته أن يكون آدم ﵇ هو أبو البشر، واقتضت حكمته ورحمته وعدله أن يختار من ذريته أصفيائه من المرسلين والأنبياء الكرام عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام، وكان ممن اصطفاهم واختارهم وفضلهم على غيرهم من الأنبياء والمرسلين أولوا العزم من الرسل وهم: محمد وإبراهيم ونوح وموسى وعيسى بن مريم عليهم أفضل الصلاة وأزكى التسليم، واختار وفضَّل عليهم جميعًا إمامهم وسيدهم وخاتمهم نبينا محمد بن عبد الله ﷺ فهو بحق سيد ولد آدم ولا فخر، وهو صاحب اللواء والشفاعة، وهو الذي له المقام المحمود في الجنة التي لا تنبغي إلا لشخص واحد فقط وهو نبينا ﷺ، لهذا فقد أخذ الله تعالى العهد والميثاق على كل الأنبياء والمرسلين أنه لو بُعث محمد ﷺ في حال حياة أحدهم فالواجب عليه اتباعه ﷺ وترك ما معه إلى ما مع نبينا ﷺ كما قال تعالى: (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين، فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون)، وقال ﷺ لعمر بن الخطاب ﵁ (والله لو كان أخي موسى حيًا لما وسعه إلا اتباعي) ولما ينزل المسيح عيسى بن مريم ﵊ في آخر الزمان فإنه ينزل حكمًا بشريعة محمد ﷺ، ويكون تابعًا له ﷺ.
وهذا كله بالنسبة لمكانتهم عند الله، وأما بالنسبة لدينهم فدينهم واحد وقد اتفقوا جميعًا في الدعوة إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له، وأما شرائعهم فكل شريعة خاصة به له ولقومه فحسب قال تعالى: (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجًا) أما شريعة نبينا محمد ﷺ فهي أكمل وأفضل وأحسن وأتمُّ وأحب الشرائع إلى الله، وهي ناسخة لكل شريعة قبلها، ولا شكَّ أن الأنبياء يتفاوتون في الدرجة والمنزلة، فهم درجات وطبقات وأفضلهم - كما سبق أولوا العزم الخمسة، وأفضلهم على الإطلاق هو خاتمهم محمد ﷺ، وأما ما ورد من أحاديث صحيحة مثل (لا تفضلوني على يونس بن متى) وحديث (والذي اصطفى موسى على العالمين) فإنها كلها تدل على شدة تواضعه ﷺ مع إخوانه الرسل الكرام، وإلا فهو بلا شك أفضلهم على الإطلاق إذ كان إمامهم ليلة الإسراء في بيت المقدس، وهو سيد ولد آدم يوم القيامة، وهو الذي له الشفاعة الكبرى يوم القيامة دون غيره من المرسلين، وهو القائل ﷺ (إن الله اصطفى من بني آدم قريشًا، واصطفى من قريشٍ كنانة، واصطفى من كنانة بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم) فهو المصطفى من الخلق كلهم ﷺ.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
1 / 238