بطلان حديث (لولاك ما خلقت الأفلاك)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيك بهذا الحديث: " إذا لم يكن يوجد محمد ﷺ فإن الله ﷾ لم يكن ليخلق الكون". بصراحة فأنا أشتبه بصحة هذا الحديث فهل يمكن أن تلقي بعض الضوء.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قد رويت أحاديث باطلة وموضوعة بهذا المعنى، فمن ذلك:
(لو لاك ما خلقت الأفلاك)
ذكره الشوكاني في "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" (ص ٣٢٦) وقال:
قال الصغاني: موضوع اهـ
قال الألباني في "السلسلة الضعيفة" (٢٨٢): موضوع اهـ
ومنها: ما رواه الحاكم عن ابن عباس قال:
أوحى الله إلى عيسى ﵇: يا عيسى آمن بمحمد، وأمر من أدركه من أمتك أن يؤمنوا به، فلولا محمد ما خلقت آدم، ولولا محمد ما خلقت الجنة والنار، ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت عليه: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فسكن.
قال الحاكم: صحيح الإسناد!! وتعقبه الذهبي بقوله:
أظنه موضوعًا على سعيد اهـ.
يعني: سعيد بن أبي عروبة (أحد رواة هذا الحديث)، وقد روى هذا الحديث عنه عمرو بن أوس الأنصاري وهو المتهم بوضع هذا الحديث، وقد ذكره الذهبي في "الميزان" وقال: أتى بخبر منكر، ثم ساق هذا الحديث، وقال: وأظنه موضوعًا. ووافقه الحافظ ابن حجر كما في "اللسان".
وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة" (٢٨٠): لا أصل له اهـ.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀:
هل الحديث الذى يذكره بعض الناس: لولاك ما خلق الله عرشًا ولا كرسيًا ولا أرضًا ولا سماء ولا شمسا ولا قمرا ولا غير ذلك صحيح هو أم لا؟
فأجاب:
محمد ﷺ سيد ولد آدم، وأفضل الخلق وأكرمهم عليه، ومن هنا قال من قال: إن الله خلق من أجله العالم. أو أنه لولا هو لما خلق عرشا ولا كرسيا ولا سماء ولا أرضا ولا شمسا ولا قمرا.
لكن ليس هذا حديثا عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لا صحيحا ولا ضعيفا، ولم ينقله احد من أهل العلم بالحديث عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، بل ولا يعرف عن الصحابة بل هو كلام لا يُدْرَى قائله اهـ. مجموع الفتاوى (١١/٨٦-٩٦) .
وسئلت اللجنة الدائمة:
هل يقال: إن الله خلق السماوات والأرض لأجل خلق النبي ﷺ وما معنى لولاك لما خلق الأفلاك هل هذا حديث أصلا؟
فأجابت:
لم تخلق السماوات والأرض من أجله ﷺ بل خُلقت لما ذكره الله سبحانه في قوله ﷿: "الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شئ قدير وأن الله قد أحاط بكل شئ علما"، أما الحديث المذكور فهو مكذوب على النبي ﷺ لا أساس له من الصحة اهـ. فتاوى اللجنة الدائمة (١/٣١٢) .
وسئل الشيخ ابن باز عن هذا الحديث فقال:
الجواب: هذا ينقل من كلام بعض العامة وهم لا يفهمون، يقول بعض الناس إن الدنيا خلقت من أجل محمد ولولا محمد ما خلقت الدنيا ولا خلق الناس وهذا باطل لا أصل له، وهذا كلام فاسد، فالله خلق الدنيا ليعرف ويُعلم ﷾ وليُعبد جل وعلا، خلق الدنيا وخلق الخلق ليُعرف بأسمائه وصفاته، وبقدرته وعلمه، وليعبد وحده لا شريك له ويطاع ﷾، لا من أجل محمد، ولا من أجل نوح، ولا موسى، ولا عيسى، ولا غيرهم من الأنبياء، بل خلق الله الخلق ليعبد وحده لا شريك له اهـ فتاوى نور على الدرب (٤٦) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
1 / 230