هل النبي ﷺ أفضل الخلق؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد دليل أن نبينا محمدًا ﷺ أفضل الخلق؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
وردت في فضائل النبي ﷺ وخصائصه أدلة كثيرة جدا، ولم يرد – فيما نعلم - دليل صريح فيه النص صراحةً على أن النبي ﷺ أفضل الخلق، والذي ورد النص عليه: أنه ﷺ أفضل البشر وسيد ولد آدم.
روى مسلم (٤٢٢٣) عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ) .
وقد فهم العلماء من هذا النص وغيره من النصوص الواردة في فضائل نبينا ﷺ أنه أفضل الخلق.
قال النووي ﵀ في "شرح صحيح مسلم":
وهذا الحديث دليل لتفضيله ﷺ على الخلق كلهم، لأن مذهب أهل السنة أن الآدميين أفضل من الملائكة، وهو ﷺ أفضل الآدميين وغيرهم" انتهى.
وقد تتابع العلماء على وصف النبي ﷺ بأنه أفضل الخلق، ونكتفي بالإشارة إلى بعض مواضع كلامهم خشية الإطالة:
الإمام الشافعي في "الأم" (٤/١٦٧) .
الإمام عبد الرازق الصنعاني في مصنفه (٢/٤١٩) .
شيخ الإسلام ابن تيمة في "مجموع الفتاوى" (١/٣١٣) و(٥/١٢٧، ٤٦٨) .
ابن القيم في تهذيب السنن حديث رقم (١٧٨٧) من عون المعبود.
ابن حجر في "فتح الباري" شرح حديث رقم (٦٢٢٩) .
المرداوي في " الإنصاف" (١١/٤٢٢) .
الألوسي في"روح المعاني" (٤/٢٨٤) .
الطاهر بن عاشور في تفسيره (٢/٤٢٠) .
السعدي في تفسيره (٥١، ١٨٥، ٦٩٩) .
محمد الأمين الشنقيطي في "أضواء البيان" (٩/٢١٥) .
الشيخ عبد العزيز بن باز في "مجموع الفتاوى" (٢/٧٦، ٣٨٣) .
علماء اللجنة الدائمة للإفتاء، وقد سئلوا: هل نقول بأن النبي ﷺ خير البشر أو خير الخلق؟ وهل هناك دليل على أنه خير الخلق، كما يقول كثير من الناس؟
فأجابوا:
"جاء في نصوص كثيرة من الكتاب والسنة بيان عظم قدر نبينا محمد ﷺ ورفعة مكانته عند ربه تعالى من خلال الفضائل الجليلة والخصائص الكريمة التي خصه الله بها، مما يدل على أنه أفضل الخلق وأكرمهم على الله وأعظمهم جاها عنده سبحانه، قال الله سبحانه: (وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا) النساء/١١٣، وأجناس الفضل التي فضله الله بها يصعب استقصاؤها؛ فمن ذلك: أن الله ﷿ اتخذه خليلا، وجعله خاتم رسله، وأنزل عليه أفضل كتبه، وجعل رسالته عامة للثقلين إلى يوم القيامة، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأجرى على يديه من الآيات ما فاق به جميع الأنبياء قبله، وهو سيد ولد آدم، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع، وبيده لواء الحمد يوم القيامة، وأول من يجوز الصراط، وأول من يقرع باب الجنة، وأول من يدخلها. . . إلى غير ذلك من الخصائص والكرامات الواردة في الكتاب والسنة، مما جعل العلماء يتفقون على أن النبي ﷺ هو أعظم الخلق جاها عند الله تعالى، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "وقد اتفق المسلمون على أنه ﷺ أعظم الخلق جاها عند الله، لا جاه لمخلوق أعظم من جاهه، ولا شفاعة أعظم من شفاعته".
فمما ذُكر وغيره يتبين أن نبينا محمدا ﷺ هو أفضل الأنبياء، بل وأفضل الخلق، وأعظمهم منزلة عند الله تعالى، ولكن مع هذه الفضائل والخصائص العظيمة فإنه ﷺ لا يرقى عن درجة البشرية، فلا يجوز دعاؤه والاستغاثة به من دون الله ﷿، كما قال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) الكهف/١١٠، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى. "فتاوى اللجنة الدائمة" (٢٦/٣٥) .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
وقد توقف في ذلك الشيخ ابن عثيمين ﵀، نظرًا لأنه لم يرد بذلك نص صريح فقال:
"المشهور عند كثير من العلماء إطلاق أن محمدًا ﷺ أفضل الخلق، كما قال الناظم:
وأفضل الخلق على الإطلاق ... نبينا فمل عن الشقاق
لكن الأحوط والأسلم أن نقول: محمد ﷺ سيد ولد آدم، وأفضل البشر، وأفضل الأنبياء، أو ما أشبه ذلك اتباعا لما جاء به النص، ولم أعلم إلى ساعتي هذه أنه جاء أن النبي ﷺ أفضل الخلق مطلقًا في كل شيء. . . فالأسلم أن الإنسان في هذه الأمور يتحرى ما جاء به النص. مثلًا لو قال قائل: هل فضل الله بني آدم عمومًا على جميع المخلوقات؟ قلنا: لا؛ لأن الله تعالى قال: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي لْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) الإسراء/٧٠، لم يقل: على كل من خلقنا، فمثل هذه الإطلاقات ينبغي على الإنسان أن يتقيد فيها بما جاء به النص فقط ولا يتعدى. والحمد لله، نحن نعلم أن محمدًا ﷺ خاتم النبيين، وأشرف الرسل وأفضلهم وأكرمهم عند الله ﷿، وأدلة ذلك من القرآن والسنة الصحيحة معروفة مشهورة، وأما ما لم يرد به دليل صحيح فإن الاحتياط أن نتورع عنه، لكنه مشهور عند كثير من العلماء، تجدهم يقولون: إن محمدًا أشرف الخلق" انتهى "لقاءات الباب المفتوح" (٥٣/١١) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
1 / 208