193

Islam Q&A

موقع الإسلام سؤال وجواب

ژانرونه

هل كان عيسى ﵇ يهوديا؟ [السُّؤَالُ] ـ[هل يعتقد المسلمون أن عيسى كان يهوديا؟ حيث ذكر في الإنجيل أن عيسى كان يهوديا]ـ [الْجَوَابُ] الحمد لله عيسى ابن مريم ﵇، أحد أنبياء الله الكرام، وأولي العزم من ورسله، أرسله الله إلى بني إسرائيل، وعلمه التوراة والإنجيل، وأخبر أنه جاء مصدقا لما في التوراة، أي مقررا لها ومؤمنا بها، إلا أنه نسخ بعض أحكامها، وأباح لأتباعه بعض ما حرم فيها. قال تعالى: (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ. وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) آل عمران/٤٨- ٥٠، وقال سبحانه: (وَقَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) المائدة/٤٦. قال ابن كثير ﵀ في "تفسيره" (٢/٤٤): " وَالتَّوْرَاةَ وَالإنْجِيلَ " فالتوراة: هو الكتاب الذي أنزله الله على موسى بن عمران، والإنجيل: هو الكتاب الذي أنزله الله على عيسى ﵉، وقد كان [عيسى] ﵇، يحفظ هذا وهذا " انتهى. وقال أيضًا ﵀: " وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ " أي: متبعًا لها، غير مخالف لما فيها، إلا في القليل مما بيّن لبني إسرائيل بعض ما كانوا يختلفون فيه، كما قال تعالى إخبارًا عن المسيح أنه قال لبني إسرائيل: (وَلأحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ)؛ ولهذا كان المشهور من قولي العلماء أن الإنجيل نسخ بَعْضَ أحكام التوراة " انتهى. "تفسير ابن كثير" (٣/١٢٦) . وعُلم بهذا أن عيسى ﵇ كان مؤمنا بالتوراة التي أنزلت على موسى ﵇، متبعا لها، لم يخالفها إلا في أشياء قليلة. وموسى وعيسى وجميع الأنبياء كان دينهم الإسلام العام، وهو توحيد الله ﷿ وعبادته وحده لا شريك له، كما قال تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) آل عمران/١٩، وقال تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) آل عمران/٨٥، وقال عن نوح ﵇: (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) يونس/٧٢، وقال عن إبراهيم ﵇: (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) آل عمران/٦٧، وقال عن موسى ﵇: (يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ) يونس/٨٤، وقال عن يوسف ﵇: (تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) يوسف/١٠١. فلا يقال عن موسى ﵇ إن دينه اليهودية، بل دينه الإسلام، وأتباعه سُموا باليهود إما لقولهم: هدنا إليك، أي: تبنا ورجعنا، أو نسبة ليهوذا أكبر أولاد يعقوب ﵇، وكذلك عيسى ﵇ دينه الإسلام وليس النصرانية، والنصارى هم أتباعه الذين نصروره وآزروه. لكنه ﵇ كان متبعا للتوراة حافظا لها مقرا بها؛ لأنه من جملة بني إسرائيل الذين أرسل فيهم موسى ﵇، ثم أنزل الله عليه الإنجيل وفيه تصديق لما في التوراة، كما سبق. وهذا الذي ذكرناه إنما نعني به الدين الذي كان جاء به عسى ﵇، إن كان السائل يريد البحث في دينه والسؤال عنه. وأما إن كان السائل يسأل عن نسب المسيح ﵇، وقومه الذين ولد فيهم، وبعث إليهم، فنبي الله عيسى ﵇ من بني إسرائيل من غير خلاف، وبنو إسرائيل هم الذين عرفوا بعد ذلك بأنهم اليهود، كما أشرنا. على أن الذي يستعمله أهل العلم هنا أن ينسب إلى نسبه وقومه، فيقال: هو من بني إسرائيل، وأما كلمة اليهود فهي تحمل معنى دينيا خاصا، فلذلك ينبغي اجتنابه في حق عيسى ﵇، وإن كنا نعلم أنه قومه بنو إسرائيل كانوا على شريعة التوراة قبله، وهو قد جاء مصدقا لما فيها، وغير شيئا قليلا من أحكامها. قال ابن الأثير ﵀: " كان عمران بن ماثان [يعني: جد عيسى ﵇، والد مريم] من ولد سليمان بن داود، وكان آل ماثان رؤوس بني إسرائيل وأحبارهم.. " انتهى. "الكامل في التاريخ" (١/٢٥١) . وقال ابن كثير ﵀: " ولا خلاف أنها [يعني: مريم ﵍] من سلالة داود ﵇، وكان أبوها عمران صاحب صلاة بني إسرائيل في زمانه " انتهى. "البداية والنهاية" (٢/٥٢) . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: " لا ريب أن قوم موسى ﵇ هم بنو إسرائيل، وبلسانهم نزلت التوراة، وكذلك بنو إسرائيل هم قوم المسيح ﵇، وبلسانهم كان المسيح يتكلم، فلم يخاطب أحد من الرسولين أحدا إلا باللسان العبراني، لم يتكلم أحد منهما لا برومية ولا سريانية ولا يونانية ولا قبطية " انتهى. "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح" (٢/٩٤) . وقال أيضا: " فمعلوم باتفاق النصارى أن المسيح لم يكن يتكلم إلا بالعبرية، كسائر أنبياء بني إسرائيل، وأنه كان مختونا، ختن بعد السابع كما يختن بنو إسرائيل، وأنه كان يصلي إلى قبلتهم، لم يكن يصلي إلى الشرق ولا أمر بالصلاة إلى الشرق " انتهى. "المرجع السابق" (٣/٣٢) . وينظر للفائدة: سؤال رقم (١٠٢٧٧) . والله أعلم. [الْمَصْدَرُ] الإسلام سؤال وجواب

1 / 192