1148

Islam Q&A

موقع الإسلام سؤال وجواب

ژانرونه

عقيدة التجسيم والتمثيل، وأبرز فِرقها، وحكم الإسلام عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف ما هي الفِرق المجسِّمة، والفِرق المشبِّهة؟ وما الفرق بينهما إن كان فرق؟ وما هو قول أهل السنة والجماعة بهذا الموضوع؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولًا:
الشائع في الكتب المصنفة في العقائد والفرق استعمال هذه المصطلحات: التجسيم، والتشبيه، والتمثيل، من غير تفرقة بينها، وإنما تتوارد في الاستعمال لتدل على نفس المعنى.
لكن ثمة فرق في الحقيقة بين تلك الألفاظ، فالتجسيم: إثبات الجسم لله تعالى، والتشبيه أوسع معنى حيث يشبِّه أهلُ الكفر والضلال الربَّ تعالى بخَلْقه، ولفظ التمثيل هو الأوسع في معناه، وهو الأولى في الاستعمال من التشبيه؛ لأسباب ثلاثة.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – ﵀:
أيهما أولى: التعبير بالتمثيل، أم التعبير بالتشبيه؟ .
فأجاب:
التعبير بالتمثيل خير من التعبير بالتشبيه لوجوه ثلاثة:
الوجه الأول: أن نفي التمثيل هو الذي ورد في القرآن الكريم، ولم يرد في القرآن نفي التشبيه، واللفظ الذي هو التعبير القرآني خير من اللفظ الذي هو التعبير الإنساني قال الله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) .
الوجه الثاني: أن التشبيه لا يصح نفيه على الإطلاق؛ لأنه ما من شيئين إلا وبينهما قدر مشترك اتفقا فيه وإن اختلفا في الحقيقة، فلله وجود وللإنسان وجود، ولله حياة وللإنسان حياة، وهذا الاشتراك في أصل المعنى - الحياة - نوع من التشابه، لكن الحقيقة: أن صفات الخالق ليست كصفات المخلوق، فحياة الخالق ليست كحياة المخلوق، فحياة المخلوق ناقصة مسبوقة بعدم وملحوقة بفناء، وهي أيضا ناقصة في حد ذاتها، يوم يكون طيِّبًا، ويوم يكون مريضًا، ويوم يكون متكدرًا، ويوم يكون مسرورًا، وهي أيضا حياة ناقصة في جميع الصفات، البصر ناقص، السمع ناقص، العلم ناقص، القوة ناقصة، بخلاف حياة الخالق جل وعلا فإنها كاملة من كل وجه.
الوجه الثالث: أن بعض أهل التعطيل يسمون المثبتين للصفات " مشبِّهة " فإذا قلت: " من غير تشبيه " فهِم هؤلاء أن المراد من غير إثبات صفة، ولذلك نقول: إن التعبير بقولنا: " من غير تمثيل " أولى من التعبير بالتشبيه.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (١ / ١٧٩، ١٨٠، السؤال رقم ٩٠) .
ثانيًا:
ولم يختلف أهل السنَّة في تكفير الممثلة، أو المشبهة، أو المجسمة.
ولمَّا نقل محمد بن طاهر الإسفراييني مقالة هشام بن الحكم، وهشام الجواليقي، وأتباعهما في التجسيم: قال:
والعاقل بأول وهلة يعلم أن من كانت هذه مقالته لم يكن له في الإسلام حظ.
" التبصير في الدين " (ص ٤٠) .
وقال نعيم بن حماد – ﵀ – وهو أحد شيوخ الإمام البخاري -:
مَن شبَّه الله تعالى بخلقه: كَفَر، ومن جحد ما وصف الله نفسه: فقد كفر.
انظر " شرح أصول اعتقاد أهل السنة " لللالكائي (٣ / ٥٣٢) .
ثالثًا:
أشهر من قال بالتمثيل – التجسيم، والتشبيه – لله رب العالمين هم اليهود، وقدماء الرافضة، واشتهرت نسبة التجسيم - بخصوصه - إلى الكرامية، وهي من الفرق المبدعة، التي لم يصلنا من كتبها شيء.
وقد ألصقت فرق وقد ألصق أهل البدع المعطلين للصفات، والنافين عن الله ﷿ ما أثبته لنفسه: ألصقوا بأهل السنة فرية التشبيه التمثيل والتجسيم، وليس هذا عليهم بغريب، حيث عطَّلوا صفات الله تعالى، ولذا نسبوا من أثبت تلك الصفات لله تعالى نسبوه إلى التجسيم، وهذا محض افتراء، وكذب.
قال الإمام أبو زرعة الرازي، ﵀ (ت: ٢٦٤هـ):
" المعطلة النافية: الذي ينكرون صفات الله ﷿، التي وصف بها نفسه في كتابه، وعلى لسان نبيه ﷺ، ويكذبون بالأخبار التي جاءت عن رسول الله ﷺ في الصفات، ويتأولونها بآرائهم المنكوسة، على موافقة ما اعتقدوا من الضلالة، وينسبون رواتها إلى التشبيه؛ فمن نسب الواصفين ربهم ﵎ بما وصف به نفسه في كتابه، وعلى لسان نبيه ﷺ، من غير تمثيل ولا تشبيه، إلى التشبيه: فهو معطل نافٍ، ويُستدل عليهم بنسبتهم إياهم إلى التشبيه: أنهم معطلة نافية. كذلك كان أهل العلم يقولون، منهم عبد الله بن المبارك، ووكيع بن الجراح ".
نقله أبو القاسم الأصبهاني في كتابه: الحجة في بيان المحجة (١/١٨٧) .
والعجيب أن الأشاعرة وغيرهم من الفرق المبتدعة يثبتون بعض الصفات لله تعالى، وهم " مجسمة " و" ومشبهة " عند المعتزلة! فانظر إليهم كيف أنهم نُسبوا إلى ما اتهموا به أهل السنَّة افتراء عليهم، فإذا كان إثبات الصفات لله تعالى تجسيمًا: فهم مع أهل السنَّة في هذا، وإذا كان لا يلزم من إثبات الصفات التجسيم: فيكون اتهامهم بهذه الفرية من الضلال المبين، فها هم يثبتون صفاتٍ لله تعالى ولا يعدون أنفسهم مجسِّمة، فكذا ينبغي أن يكون أهل السنَّة عندهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – ﵀:
كلُّ مَن نَفَى شيئًا من الأسماء والصفات سمَّى مَن أثبت ذلك " مجسِّمًا " قائلًا بالتحيز، والجهة، فالمعتزلة، ونحوهم يسمُّون الصفاتية - الذين يقولون: إن الله تعالى حي بحياة، عليم بعلم، قدير بقدرة، سميع بسمع، بصير ببصر، متكلم بكلام - يسمُّونهم: " مجسِّمة "، " مشبِّهة "، " حشوية "، والصفاتية هم: السلف، والأئمة، وجميع الطوائف المثبتة للصفات: كالكلابية، والكرامية، والأشعرية، والسالمية، وغيرهم من طوائف الأمة.
" مجموع الفتاوى " (٦ / ٤٠) .
ونحن نذكر هنا أبرز تلك الفرق القائلة بهذا بالتجسيم والتمثيل:
الفرقة الأولى: " السبئية " أتباع اليهودي الذي أظهر الإسلام عبد الله بن سبأ، فقد ألَّهت هذه الفرقة عليَّ بن أبي طالب، وشبهوه بذات الله، وقد ازدادوا اعتقادًا بهذا الإفك عندما حرَّقهم بالنار.
الفرقة الثانية: " الهشامية " أصحاب هشام بن الحكم الرافضي، يزعمون أن معبودهم جسم، وله نهاية، وحد طويل عريض عميق، طوله مثل عرضه ... .
والفرقة الثالثة: " الهشامية " أصحاب هشام بن سالم الجواليقي، يزعمون أن ربهم على صورة الإنسان، وينكرون أن يكون لحمًا، ودمًا، ويقولون: إنه نور ساطع يتلألأ بياضًا.
الفرقة الرابعة: " اليونسية " أصحاب يونس بن عبد الرحمن القمِّي.
الفرقة الخامسة: " البيانية " أتباع بيان بن سمعان، وكان يقول: إن معبوده: نور، صورته صورة إنسان، وله أعضاء كأعضاء الإنسان، وأن جميع أعضائه تفنى إلا الوجه.
الفرقة السادسة: " المغيرية " أتباع مغيرة بن سعيد العجلي، وكان يقول: إن للمعبود أعضاء، وأعضاؤه على صورة حروف الهجاء.
الفرقة السابعة: " المنصورية " أتباع أبي منصور العجلي، وكان يقول: إنه صعد إلى السماء إلى معبوده، وإن معبوده مسح على رأسه وقال: يا بني بلغ عني.
الفرقة الثامنة: " الخطابية " أتباع أبي الخطاب الأسدي، كانوا يقولون: إن أبا الخطاب الأسدي إله.
انظر " التبصير في الدين " للإسفراييني (ص ١١٩ – ١٢١)، و" الفرق بين الفِرق " (ص ٢١٤ – ٢١٩) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب

1 / 1147