اسلام په لسمه پېړۍ کې: اوسنی او راتلونکی
الإسلام في القرن العشرين: حاضره ومستقبله
ژانرونه
ولم تكن هذه الدول على شيء من الاستقلال في غير الظاهر؛ لأنها لم تكن تملك من حقوق التصرف في سياستها الداخلية أو الخارجية ما تملكه الدول المستقلة، وأكبرها وأقواها - وهي الدولة العثمانية - كانت عرضة للتدخل الدائم من قبل الدول الكبرى في كل شأن من شئونها؛ إذ كانت هي محور المسألة الشرقية التي تتلخص في عبارة واحدة وهي: تقسيم بلاد الشرق «أولا» بين روسيا وفرنسا وإنجلترا، ثم تلحق بهذه الدول كل دولة أثبتت لها وجودا في ميدان الاستعمار أو في ميدان السياسة العالمية على الإجمال كالنمسا وبروسيا وإيطاليا وإسبانيا.
الدولة العثمانية
وكانت المسألة الشرقية قائمة على محو الدولة العثمانية، ولكن الدول التي تعنيها هذه المسألة لم تكن على اتفاق في طريقة التنفيذ، ولم تكن على اتفاق كذلك في العجلة أو الأناة، ولم تكن على اتفاق بينها في نصيب كل منها من تركة «الرجل المريض» كما سميت الدولة العثمانية في ذلك الحين.
فروسيا كانت تتعجل التقسيم لتحتل القسطنطينية ومضايق البسفور والدردنيل، وفرنسا كانت تتوسط بين العجلة والأناة؛ لأنها كانت تكتفي بلبنان وسورية وبيت المقدس، ولا تحرص على تقويض الدولة العثمانية من رأسها، وإنجلترا كانت تطمح إلى طريق الهند، ولا تأبى عند الضرورة أن تساعد فرنسا؛ لتستعين بها على صد روسيا والحيلولة بينها وبين بلاد البحر الأبيض، وحاولت كل منها أن تتخذ لها صفة الرعاية لجميع المسيحيين بالديار الشرقية، وكانت روسيا وفرنسا قد حصلتا على اعتراف من السلطان العثماني بهذه الصفة؛ أولاهما: لرعاية الكنيسة الإغريقية، والأخرى : لرعاية الكنيسة اللاتينية، فحاولت إنجلترا في أواخر القرن التاسع عشر أن تضيف إلى ألقاب التاج لقب الحارس للديانة المسيحية، ولكن المسيحيين أنفسهم في الشرق الأدنى لم يعترفوا لها بهذه الصفة؛ لأن أتباع الكنيسة الإنجيلية كانوا يومئذ جد قليل بين الشرقيين.
ولم تجد هذه الدول صعوبة في إقلاق الدولة العثمانية؛ لأنها كانت تستخدم سلاح الامتيازات الأجنبية حين تشاء وكيفما تشاء، وكان القرن التاسع عشر عصر الحركات الوطنية في بلاد المغرب والمشرق، فلم يكن من العسير على الدول أن تجد المطاوعين لها في ثورتها على الحكم التركي سواء من المسيحيين وغير المسيحيين، ومنهم مسلمون يطلبون الاستقلال أو ينقمون على الإدارة التركية، ولكن الأمر الجدير بالنظر أن السياسة الجهنمية لم تتورع عن خلق المذابح في المكان المطلوب وفي الآونة المطلوبة، فحدثت مذابح أرمينية ومذابح لبنان ومذابح الإسكندرية على هذا التقدير كلما كانت لازمة لتنفيذ إحدى الخطط التي ترسم قبل ذلك بسنوات أو شهور، وكانت هذه المذابح هي التي تدعو إلى التدخل من جانب الدول الكبرى، أما المذابح في روسيا أو في البلقان فلم يعرض لها أحد بمجرد الاحتجاج فضلا عن التدخل أو التهديد بالاحتلال.
واصطلحت علل الضعف والجمود والخلل جميعا على الدولة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، فانهزمت جيوشها في ميادين لم تتعود فيها غير النصر العاجل قبل هذه الفترة، ولما أرادت أن تدرب جيوشها على النظام الحديث تمردت فرق «اليني شاري» التي كانت هي نفسها تجديدا على النظم الحديثة في حينها كما يدل عليه اسمها، فقمعتها وكادت أن تستأصلها بالقليل الذي دربته على الأساليب العصرية، قبل أن يتم لديها من الجيوش العصرية ما يغنيها في حروبها المتتابعة، وكانت قد استكثرت من عقد القروض لسداد نفقات هذه الحروب، وإشباع نهمة السلاطين والأمراء الذين أفسدهم الضعف والاستبداد، فانغمسوا في الترف والبذخ، وكلفوا بلادهم ما لا تطيق من الضرائب والإتاوات، وأفضى سوء السياسة المالية إلى إعلان الإفلاس والعجز عن أداء فوائد الديون (في سنة 1874) في مواعيدها، واعتمد ساسة الباب العالي في مقاومة الدول صواحب الديون وصواحب الامتيازات على المضاربة بينها ومنح الامتيازات الاقتصادية تارة لهذه وتارة لغيرها، وقد كانت الدولة البروسية تبرز شيئا فشيئا إلى ميدان السياسة العالمية، ولا سيما بعد حرب السبعين التي انتصرت فيها على فرنسا، فاتخذ منها ساسة الباب العالي ذريعة للتخويف والتهديد، ورحبوا بالاتفاق معها على إصلاح المواصلات الداخلية فمنحوها (في سنة 1888) امتيازا بمد الخط الحديدي إلى أنقرة بعد امتداده في المجر إلى القسطنطينية، وأتبعوا هذا الامتياز بامتياز آخر لمد الخط إلى قونية على أن تخترق السكة آسيا الصغرى إلى الشام وبغداد، ولم تقف الدولة الإنجليزية مكتوفة اليدين أمام هذا الخطر الذي يقترب من الهند، ولكنها اضطرت إلى التراجع والسكوت حين لمحت من بروسيا بوادر الاتفاق عليها مع فرنسا على هذا الجانب من جوانب المسألة الشرقية، وعلى التدخل في القضية المصرية؛ لمطالبتها بالجلاء عن مصر تحقيقا لوعدها.
ومن خطوط المواصلات الهامة التي تمت في بلاد الدولة بين منتصف القرن التاسع عشر ونهايته؛ قناة السويس (سنة 1869) وسكة حديد الحجاز (من سنة 1900 إلى 1908) وهي السكة التي تجاوبت بأخبارها دوائر الاستعمار على أنها تعبئة من تعبئات الجامعة الإسلامية.
وإلى هذه الآونة كانت كل دولة ذات أثر في المسألة الشرقية قد انتزعت لها قطعة من بلاد تركيا في أوروبا أو آسيا أو أفريقيا، ما عدا بروسيا التي سيطرت في هذه الآونة على الأقاليم الألمانية بأجمعها، فاغتنم عاهلها «ولهلم الثاني» هذه الفرصة للتقرب من تركيا ومن العالم الإسلامي بأسره، وزار الآستانة وبيت المقدس، ونادى في بعض خطبه بصداقة دولته للثلاثمائة مليون مسلم المنتشرين بين بقاع المشرق، ونظر ساسة الترك إلى دولة أوروبيا يعتمدون عليها في تنظيم جيشهم، فلم يطمئنوا بطبيعة الحال إلى روسيا، ولم يجدوا عندها الكفاية الفنية لهذه المهمة، ولم يطمئنوا إلى إنجلترا؛ لأن وزيرها جلادستون أعلن غير مرة وجوب «طرد الترك» بقضهم وقضيضهم من كل بقعة في أوروبا، فرحبوا بالمساعدة الألمانية على تنظيم الجيش وتدعيم الأسطول على حذر، ولم يكن عبد الحميد داهية بني عثمان لينسى مؤتمر برلين ومرامي الألمان في الوقت المعلوم نحو المشرق، ولم تغب عنه الدعوة العسكرية والثقافية التي نجحت بين الألمان المعاصرين، واتخذت صيحتها (إلى الشرق) شعارا تردده، وتعلق عليه الآمال في توسيع ملك الجرمان، واستيلائهم على طريقهم من برلين إلى آسيا الصغرى إلى أواسط آسيا، ولم يخف عليه ما وراء حملة العاهل الجرماني على الآسيويين، وتحذير الغرب من يقظتهم، وتأليبه الأوروبيين على الشرق كله باسم الحذر من الخطر الأصفر، فتوخى في سياسته على الدوام أن يجنح إلى كل دولة من دول الاستعمار بمقدار، وترك بعده ساسة تربوا في مدرسته (حتى من أقطاب تركيا الفتاة) ينهجون نهجه في مسلكهم بين تلك الدول، فكان الكثيرون منهم يميلون إلى الحيدة عند اشتباك الحرب العالمية الأولى، وليس بالصحيح أن ساسة الترك كانوا مجمعين يومئذ على دخول الحرب إلى جانب دولتي المحور، ولكن الصحيح أن دول أوروبا الغربية استثارت الترك إلى محاربتها؛ لتضمن بذلك معاونة الروس إلى النهاية طمعا في القسطنطينية، وتضمن معونة المتربصين بالرجل المريض من دول البحر الأبيض المتوسط وسائر الدول الطامحة إلى الشرق الأدنى، وقد يفيد في بيان الأعاجيب من خفايا سياسة الاستعمار أن نومئ هنا - على غير تأييد ولا تفنيد - إلى ما قيل عن دسائس المستعمرين التي أحكموا تدبيرها للتعجيل بالثورة الروسية بعد سقوط آل رومانوف، فلعلهم لم يجدوا لهم مخلصا أوفق من هذا للتحلل من الاتفاق مع آل رومانوف على دخول القسطنطينية.
إيران
كان على عرش إيران في مفتتح القرن التاسع عشر شاه من أسرة قاجار - اسمه فتح علي شاه - تولى الملك بعد عمه أغا محمد الذي اشتهر بصرامته وقسوته على إخضاع ثوار الكرج وخراسان، وقد سمي فتح علي باسم رأس الأسرة، ولكنه لم يكن على نصيب من خلائق المؤسسين والفاتحين غير الطمع وحب الفخفخة، فاغتر بمظاهر التعظيم التي أحاطه بها رسل الدول الأجنبية، وراقه أن يرى بلاطه قبلة للسفراء والوفود من ملوك الغرب، فاستسلم لهذا الغرور، وتحالف مع بريطانيا العظمى على الأفغان؛ لاسترجاع أقاليم فارس الشرقية، وأملى له في مجاراة السياسة البريطانية أن روسيا انتزعت من فارس بلاد الكرج تلبية لطلب أميرها جورج الثاني عشر، فاستقبل الشاه مندوب شركة الهند الشرقية سيرجون ملكولم، وعقد معه محالفة سياسية تجارية تتعهد فيها الشركة بإمداد فارس بالسلاح والمال في حالة الاعتداء عليه من جانب الأفغان أو فرنسا، ويتعهد فيها الشاه بألا يعقد صلحا مع الأفغان ما لم تنزل هذه عن مطالبها في الهند، وقد تمكن الشاه من صد الغارة الروسية على «أروان» في سنة 1804 بمعاونة الضباط الإنجليز وضغط السياسة الإنجليزية، ثم أبرم في أواخر سنة 1814 - بعد نكبة نابليون - محالفة عامة تتعهد فيها فارس بإلغاء جميع الاتفاقات مع الدول المعادية لإنجلترا، وتتعهد فيها إنجلترا بنقدها مائة وخمسين ألف جنيه وتبادل المعونة في حالة الدفاع.
ناپیژندل شوی مخ