﴿وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم﴾ تأويله: لا تعرفونهم الله يعرفهم، وكذلك تقول لصاحبك: «قد علمت خبرك» تريد: قد عرفت خبرك.
وإذا كان «علمت» بمعنى العلم تعدى إلى مفعولين، ولم يجز الاقتصار على أحدهما دون الآخر لأنه حينئذ يدخل في جملة أفعال الشك واليقين الداخلة على المبتدأ والخبر نحو: ظننت، وعلمت، وحبست، وخلت وما أشبه ذلك مما تمام الفائدة فيه في المفعول الثاني.
وقد تدخل أن المثقلة وأن المخففة على «علمت» وبابه فتنوب بما بعدها عن المفعولين كقولك: «ظننت أنك عالم، وعلمت أنك تقوم» «وأظن أن يخرج زيد». وكذلك ما النافية تنوب بما يقع بعدها عن المفعولين كقولك: «قد علمت ما يخرج زيد». «وعلمت ما زيد خارجًا». وينشد:
قد علمت سلمى وجاراتها ... ما قطر الفارس إلا أنا
خرقت بالسيف سرابيله ... والخيل تجري زيما بيننا
وقد يكون العلم مصدر علمت وهو الأصل كقولك: «علمت علمًا» كما تقول: «حمدت حمدًا»، «وشكرت شكرًا»، و«جهلت جهلًا».
وقد يكون العلم: المعلوم كما نقول: «هذا علم فلان» أي معلومه، و«فلان كثير العلم»، و«فلان أوسع علمًا من فلان»، إنما يراد به من ضروب العلم التي قد علمها. وكذلك المعلوم يكون اسمًا واقعًا على ما علم وهو الأصل.
وقد يقع موقع المصدر كالمعقول، والميسور الواقعين مكان العقل واليسار. ومثل ذلك الخلق قد يكون مصدرًا وقد يكون المخلوق نفسه. وقد استعملت العامة في كلامها جمع علم قياسًا فقالوا: علم وعلوم. وقال أبو عمر الجرمي: لم تجمع العرب
1 / 53