آدم-﵇-دخل الجنة ثم أخرج منها (١) وأن النبي ﷺ رأى الجنة والنار ليلة الإسراء، (٢) وأن أرواح الشهداء في حواصل طير في الجنة (٣).
احتج الخصم بأن الحاجة إليهما إنما هي في الآخرة، فإيجادهما قبلها عبث.
وأجيب بالمنع، بل في ذلك ترغيب وترهيب كآلات العقوبة؛ كالصلابة ونحوها، يعدها السلطان ترهيبا للأشرار، وآلات الثواب والإنعام ترغيبا للأخيار.
قوله-﷿: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهًا وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ﴾ (٢٥) [البقرة: ٢٥].
يقتضي أن المعاد جسماني فيه أكل ثمار ونكاح أزواج، خلافا للفلاسفة والنصارى القائلين بأن المعاد روحاني، لا أكل فيه ولا نكاح، وإنما الثواب والعقاب هناك بالقرب من الله-﷿-والبعد منه، أو بالتذاذ النفس بالعقائد الحقة وتجردها عن الهيئات الطبيعية الرذيلة وتألمها بخلاف ذلك.
فالجواب: أن هذا بناء منهم على استحالة إعادة الأجسام، وسيأتي الكلام معهم فيه، إن شاء الله-﷿-فإذا ثبت المعاد الجسماني جاز وجود الأكل وغيره من لواحق الطبيعة، وقد أخبر به الشرع؛ فكان واجب الوقوع سمعا، ولأن أولياء الله-﷿ تعبدوا له بترك الملاذ والشهوات، والحكمة تقتضي تعويضهم عنها بمثلها أو خير منها من جنسها، وعلى هذا كلام ربما ذكرناه بعد، إن شاء الله-﷿.
قوله ﷿: ﴿*إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ماذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَما يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ﴾
1 / 40