وشرفه وكمال فضله، وليس الأمر بمستنكر أن يجمع العالم في واحد، وإنما قلنا: إن المراد بالذين آمنوا علي لقوله-﷿: ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ﴾ (٥٥) [المائدة: ٥٥] فجعل هذه الجملة بدلا من ﴿إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ [المائدة: ٥٥] قبلها، ثم إن النقلة اتفقوا-إلا من شذ منهم-على أن عليا هو الذي تصدق في الصلاة/ [٦٧/ب/م] بخاتمه وهو راكع فكان هذا كالعلامة على إمامته، وقد وجدت هذه العلامة في علي دون غيره؛ فوجب أن يكون هو المراد بولاية المؤمنين التي هي عبارة عن إمامتهم، وإنما قلنا: إن المراد بهذه العلامة الصدقة في حال الركوع؛ لأنه-﷿-قال: ﴿يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ﴾ (٥٥) [المائدة: ٥٥] أي في حال ركوعهم، والجملة حالية.
الوجه الثالث: قوله-﷿-قبل هذه الآية: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ﴾ (٥٤) [المائدة: ٥٤] ثم استطرد الآية المذكورة مع قوله ﷺ يوم خيبر:
«لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يكون الفتح على يديه» (١) مع قوله-﷿-هاهنا: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ﴾ (٥٦) [المائدة: ٥٦] فيه دليل واضح على ذلك؛ لأن النبي ﷺ وصفه بما وصفه الله-﷿-به من محبته لله ومحبة الله-﷿-إياه، بالفتح المستلزم لكونه غالبا إشارة من النبي ﷺ إلى أن المراد بالآية هو صاحب هذه الصفات، وصار ذلك كالتفسير والبيان للآية من النبي ﷺ. هذا وجه استدلالهم بهذه الآية.
واعترض الجمهور عليهم بأن قالوا: قولكم: إنه حصر وليهم في المذكور بعد-إنما هو بناء على أن «إنما» للحصر، وهو ممنوع سلمناه، لكن لا نسلم أن المراد/ [١٤٣/ل] بوليهم علي؛ لأن المذكور في الآية الله ورسوله والذين آمنوا فتخصيصه بعلي وحده بعيد