وأَمَّا ما لا يستقل بنفسه، فمثل ما سُئِلَ رسول اللَّه ﷺ عن بيع الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فقال: "أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا جَفَّ؟ قَالُوا: نَعَمْ قال: فَلا إِذَا" (^١).
فمثل هذا الجواب لا يقتصر على سببه، ويعتبر به في خصوصه وعمومه، ولا خلاف في ذلك.
بَابُ أَحْكَامِ الاسْتِثْنَاءِ
ومما يتصل بالتخصيص ويجري مجراه الاستثناء هو على ضربين:
استثناء يقع به التخصيص.
واستثناء لا يقع به التخصيص، فأما الذي يقع به التخصيص، فعلى ثلاثة أضرب:
استثناء من الجنس.
واستثناء من غير الجنس.
واستثناء من الجملة.
فأما الاستثناء من الجنس، فكقولك: رأيتُ النَّاس إلا زيدًا.
وأما الاستثناء من الجملة فكقولك: رأيت زيدًا إِلا يده.
وأما الاستثناء من غير الجنس، فلا يقع به التخصيص؛ لأنه لا يخرج من الجملة بعض ما تناولته.
وقال مُحَمَّد بْنُ خُوَيز مِنْدَاد: لا يجوز ودليلنا قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً﴾ [النساء: الآية ٩٢].
والخطأ لا يقال فيه للمؤمن أن يفعله، ولا ليس له أن يفعله، لأنه ليس بداخل تحت التكليف.
وقد قال النابغة [البسيط]:
وَقَفْتُ فِيهَا أصِيلًا كَيْ أُسَائِلَهَا ... عَيَّتْ جَوَابًا وَمَا بِالرَّبْعِ مِنْ أَحَدِ
إِلا أَوَارِيّ لأيّا مَا أُبَينُهَا ... وَالنُّؤْيُ كَالحَوْضِ بِالمَظْلُومَةِ الْجَلَدِ
_________
(^١) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٦٢٤، والشافعي في المسند ٢/ ١٥٩، وأبو داود في السنن ٣/ ٦٥٤ - ٦٥٧، والترمذي في السنن ٣/ ٥٢٨، والنسائي في المجتبى من السنن ٢/ ٧٦١.
1 / 64