(باب العدل)
العدل في أصل اللغة: المثل، يقال هذا عدل هذا أي مثله، وفي عرفها مصدر عدل في فعله، أي أنصف نقيض الجور هكذا نقل.
وفي الشرع: ما قاله أمير المؤمنين -عليه السلام- حيث قال: (العدل أن لا تتهمه) هذا نهاية التنزيه، وهو يقتضي التفويض والتسليم لأوامره تعالى وقضاياه وأحكامه، وما قصر عنه الفهم اتهم فيه العقل القاصر عن بلوغ شأو أحكم الحاكمين ووكل علمه إلى الله العزيز الحكيم، وقطع المكلف بأن ذلك هو الراجح كما أرشد إليه ملائكته المقربين لما قالوا على وجه الالتماس لا الاعتراض {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون}[البقرة:30] وقد صرح به القاسم بن إبراهيم -عليه السلام- والمرتضى وغيرهما.
واعلم: أن هذا الباب يشتمل على عشر مسائل ذكرها الشيخ في
الباب أولها:
(المسألة الحادية عشرة) من الكتاب
(أنه يجب على المكلف أن يعلم أن الله تعالى عدل حكيم ليس في أفعاله ما هو قبيح ولاظلم ولا عبث ولا سفه) ولا كذب (ولا شيء من القبائح).
ولم يسمع عن أحد من أهل الجبر هذه المسألة، ولا وجدت في شيء من كتبهم الكلامية، وإن كانوا لو سئلوا عن ذلك لما وسعهم إنكاره، وهذه المسألة هي أم مسائل العدل، وما عداها من مسائله داخل تحتها ومفصل لها كما نقوله في الدلالة على أنه غير خالق لأفعالنا، فهي مشتملة على القبيح، والله تعالى لا يفعله، وتحقيق ذلك أن مسائل العدل على ضربين:
الأول: المسائل الإثباتية، كالكلام في أنه تعالى يثيب من أطاعه ويعاقب من عصاه، ويبين للمكلفين ما كلفوه، ويمكنهم منه فلا يكلفهم مالا يعلم ولا يطاق، ويعوض المؤلمين ، ويقبل توبة التائبين، وهي داخلة تحت قولهم فيها لا يخل بالواجب.
مخ ۵۶