(والدليل على) ما ذهب إليه أهل الإسلام (أن الله تعالى واحد لا ثاني له: أنه لو كان له ثان لصح بينهما الاختلاف والتمانع) وصحة الاختلاف والتمانع محال، فهذان أصلان، أما الأول: وهو أنه كان يصح بينهما التمانع والاختلاف فلأن اشتراكهما في القدم يقتضي اشتراكهما في القادرية وسائر صفات الذات؛ لأنه قد عرف أن الشيئين متى كانا مثلين كانا قد اشتركا في صفة ذاتية كالسوادين فإنهما إنما كانا مثلين؛ لاشتراكهما في كونهما سوادين، ويجب اشتراكهما في سائر الصفات الذاتية، وإلا كانا مختلفين ومن حق كل قادرين صحة التمانع بينهما، وذلك ضروري في الشاهد، ولا علة لهذه الصحة إلا كونهما قادرين، بدليل أن العلم بصحة التمانع يدور مع العلم بالقادرية ثبوتا وانتفاء مع فقد ما هو أولى من القادرية بأن تعلق عليه صحة التمانع، والتمانع: هو أن يفعل كل واحد من القادرين ما لأجله يتعذر على الآخر إيجاد مراده، كمتجاذبي الحبل، فإن كل واحد منهما يفعل من الاعتماد ما لأجله يتعذر على الآخر تحصيل الحبل في جهته التي يجذبه إليهما.
وأما الأصل الثاني: وهو أن صحة التمانع محال، (فكان يجب إذا أراد أحدهما تحريك جسم وأراد الآخر تسكينه) في حالة واحدة (فلا يخلو الحال من ثلاثة أقسام: إما أن يحصل مرادهما معا فيكون الجسم متحركا ساكنا في حالة واحدة وذلك محال، وإما أن لا يحصل مرادهما معا فيخلو الجسم من الحركة والسكون، وذلك محال) وأيضا ففي ذلك خروج عن كونهما قادرين للذات، (وإما أن يحصل مراد أحدهما دون الآخر، فمن حصل مراده فهو الإله القديم، ومن تعذر مراده فهو عاجز ممنوع، والعجز والمنع لا يجوزان إلا على المحدثات).
مخ ۵۲