عمران هزت النخلة اليابسة بيدها حتى أكلت منها رطبا جنيا، وإني دخلت بيت الله الحرام، فأكلت من ثمار الجنة وأرزاقها، فلما أردت أن أخرج هتف بي هاتف: يا فاطمة سميه عليا، فهو علي والله العلي الأعلى.
يقول: شققت اسمه من اسمي، وأدبته بأدبي، وأوقفته على غامض علمي، وهو الذي يكسر الأصنام في بيتي، ويؤذن فوق ظهر بيتي، ويقدسني ويمجدني، فطوبى لمن أحبه وأطاعه، وويل لمن أبغضه وعصاه(1).
قال: فولدت عليا (عليه السلام) يوم الجمعة الثالث عشر من رجب، سنة ثلاثين من عام الفيل، ولم يولد قبله ولا بعده مولود في بيت الله الحرام سواه، اكراما له من الله عز اسمه، واجلالا لمحله في التعظيم.
وكان يومئذ لرسول الله (صلى الله عليه وآله) من العمر ثلاثين سنة، فأحبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) حبا شديدا، وقال لها: اجعلي مهده بقرب فراشي، وكان (صلى الله عليه وآله) يتولى أكثر تربيته، وكان يطهر عليا في وقت غسله، ويوجره اللبن عند شربه، ويحرك مهده عند نومه، ويناغيه في يقظته، ويحمله على صدره، ويقول: هذا أخي ووليي وناصري وصفيي وخليفتي وكهفي وظهري ووصيي وزوج كريمتي، وأميني على وصيتي، وكان يحمله على كتفه دائما، ويطوف به جبال مكة وشعابها وأوديتها.
واعلم ان هذه الفضائل التي حصلت له قبل الولادة وحين الولادة، وأما الفضائل التي حصلت له بعد ولادته إلى حين وفاته فلا يمكن حصرها، ولا التعبير عنها لأنها غير متناهية، فلابد أن نذكر منها شيئا يسيرا، وتقرير ذلك أن نقول: قد ثبت عند العلماء ان اصول الفضائل أربعة: العلم، والعفة، والشجاعة، والعدالة،
مخ ۱۳