فصل [في حلمه وجوده وحسن خلقه واخباره بالغيب واجابة دعائه]
ومن فضائله (عليه السلام) الحلم، والكرم، والجود، والسخاء، وحسن الخلق، واخباره بالغيب، واجابة دعائه بسرعة، فجل من أنعم عليه بالفضل الجسيم، والرتبة العالية، والمنزلة العظيمة، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وأما الحلم: فكان (عليه السلام) من أكثر الناس حلما، لم يقابل مسيئا بإساءته، ولقد عفى عن أهل البصرة بعد أن ضربوا وجهه بالسيف، وقتلوا أصحابه، ورد عائشة إلى المدينة، وأطلق عبد الله بن الزبير بعد الظفر به على عداوته وتأليبه(1) عليه وشتمه له على رؤوس الخلائق، وصفح عن مروان بن الحكم يوم الجمل مع شدة عداوته.
وأما الكرم: فقد بلغ فيه الغاية القصوى التي لم تحصل لغيره صلوات الله عليه، روى الثعلبي في تفسيره عن أبي ذر الغفاري قال، وذكر في أول الحديث من طريقنا ان عبد الله بن عباس كان على شفير زمزم وهو يقول: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول وهو يكرر الأحاديث إذ أقبل رجل معتم بعمامة وقد غطى أكثر وجهه بها، وكان ابن عباس لا يقول: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)" إلا قال ذلك الرجل: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)".
فقال له ابن عباس: بالله عليك من أنت؟! فكشف العمامة عن وجهه وقال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة أبو ذر الغفاري، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهاتين وإلا صمتا يعني اذنيه ورأيته بهاتين يعني عينيه وإلا عميتا يقول: "علي قائد البررة، علي قاتل الكفرة،
مخ ۲۷