صبيانه شعث الألوان من فقرهم كأنما سودت وجوههم بالعظلم(1)، وعاودني مؤكدا، وكرر علي مرددا، فأصغيت إليه سمعي، فظن اني أبيعه ديني، وأتبع قياده مفارقا طريقتي.
فأحميت له حديدة ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر، فضج ضجيج ذي دنف من ألمها، وكاد أن يحترق من ميسمها، فقلت له: ثكلتك الثواكل يا عقيل، أتئن من حديدة أحماها انسانها للعبه، وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه، أتئن من الأذى ولا أئن من لظى.
وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها(2)، ومعجونة قد شنئتها(3) كأنها عجنت بريق حية أو قيئها، فقلت: أصلة أم زكاة أم صدقة، فذلك محرم علينا أهل البيت، قال: لا ذا ولا ذا، ولكنها هدية.
فقلت: هبلتك الهوابل(4)، أعن دين الله أتيتني لتخدعني، أمختبط أنت، أم ذي جنة، أم تهجر، والله لو اعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته، وان دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها، ما لعلي ونعيم يفنى، ولذة لا تبقى، نعوذ بالله من سبات العقل وقبح الزلل، وبه نستعين(5).
فهذه اصول الفضائل وأما فروع الفضائل التي له (عليه السلام) فغير متناهية، روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه قال: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى ابراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته
مخ ۲۱