والثالثة المعاد.
وأطال ذكر الأدلة على ذلك من القرآن الكريم، مما لا يحتمله هذا غير الإشارة إليه، والإيمان بالمعاد داخل في الإيمان بأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لأنه جاء بإثبات المعاد والأدلة عليه. والإيمان(¬1) به صلى الله عليه وآله وسلم هو تصديقه في كل ما جاء به، ومنه الإيمان بالمعاد، فلذلك كانت كلمة الشهادتين متكفلة بجميع حقائق الإيمان، واكتفى صلى الله عليه وآله وسلم من الكفار بقولهما، فمن لم يقلهما حل دمه وماله وأهله، إلا من استثنيناه بقولنا:
خلا من له منهم كتاب فإنه
المعاهد والإيفاء حتم لذي العهد
قال الله تعالى: { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون }[التوبة:29]. فأمر تعالى بقتالهم إلى أن يعطوا الجزية، فخصوا من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ))، أي: وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإن أهل الكتاب جعل الله غاية قتالهم بإعطاء الجزية، كما جعل غاية قتال المشركين التكلم بالشهادتين، وهذا النوع الأول من الكفر وأحكامه.
وأما النوع الثاني فأشرنا إليه بقولنا:
وكفر كمن(¬2) يأتي الكبائر لا سوى
وليس ككفر بالمعيد وبالمبدي
كتارك فرض للصلاة تعمدا ...
مخ ۱۳۷