85

Irshad al-Fuhul ila Tahqiq al-Haq min 'Ilm al-Usul

إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

ایډیټر

الشيخ أحمد عزو عناية، دمشق - كفر بطنا

خپرندوی

دار الكتاب العربي

شمېره چاپونه

الطبعة الأولى ١٤١٩هـ

د چاپ کال

١٩٩٩م

اللَّه﴾ مُتَعَيَّنٌ وَيَكُونُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ مبتدأ وخبره: ﴿يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ﴾ وَلَا يَصِحُّ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْوَقْفَ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ جُمْلَةُ: ﴿يَقُولُونَ آمَنَّا بِه﴾ حَالِيَّةً، وَلَا مَعْنًى لِتَقْيِيدِ عِلْمِهِمْ بِهِ بِهَذِهِ الْحَالَةِ الْخَاصَّةِ، وَهِيَ حَالُ كَوْنِهِمْ يَقُولُونَ هَذَا الْقَوْلَ. وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا فِي تَفْسِيرِنَا الَّذِي سَمَّيْنَاهُ "فَتْحَ الْقَدِيرِ"١ فَلْيُرْجَعْ إِلَيْهِ، فَإِنَّ فِيهِ مَا يُثْلِجُ خَاطَرَ الْمُطَّلِعِ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَلَيْسَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الْعَمَلِ بِالْمُتَشَابِهِ لِعِلَّةِ كَوْنِهِ لَا مَعْنَى لَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ بَلْ لِعِلَّةِ قُصُورِ أَفْهَامِ الْبَشَرِ عَنِ الْعِلْمِ بِهِ وَالِاطِّلَاعُ عَلَى مُرَادِ اللَّهِ مِنْهُ، كَمَا فِي الْحُرُوفِ الَّتِي فِي فَوَاتِحِ السُّوَرِ، فَإِنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ لَهَا مَعْنًى لَمْ تَبْلُغْ أَفْهَامُنَا إِلَى مَعْرِفَتِهِ، فَهِيَ مِمَّا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ، كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ، وَلَمْ يُصِبْ مَنْ تَمَحَّلَ لِتَفْسِيرِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ التَّقَوُّلِ عَلَى اللَّهِ بِمَا لَمْ يَقُلْ، وَمِنْ تَفْسِيرِ كَلَامِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِمَحْضِ الرَّأْيِ، وَقَدْ وَرَدَ الوعيد الشديد عليه.

١ ستأتي ترجمته في الصفحة "٢٢٢".
الْفَصْلُ الرَّابِعُ: فِي الْمُعَرَّبِ هَلْ هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ أَمْ لَا؟
وَالْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ مَوْضُوعًا لِمَعْنًى عِنْدَ غَيْرِ الْعَرَبِ ثُمَّ اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى.
كَإِسْمَاعِيلَ، وَإِبْرَاهِيمَ، وإسحاق، وَيَعْقُوبَ، وَنَحْوِهَا، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ فِيهِ خِلَافٌ.
وَالْعَجَبُ مِمَّنْ نَفَاهُ، وَقَدْ حَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ، وَشُرَّاحُ كِتَابِهِ النَّفْيَ لِوُجُودِهِ عَنِ الْأَكْثَرِينَ، وَلَمْ يَتَمَسَّكُوا بِشَيْءٍ سِوَى تَجْوِيزِ أَنْ يَكُونَ مَا وُجِدَ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْمُعَرَّبِ مِمَّا اتَّفَقَ فِيهِ اللُّغَتَانِ الْعَرَبِيَّةُ وَالْعَجَمِيَّةُ وَمَا أَبْعَدَ هَذَا التَّجْوِيزَ، وَلَوْ كَانَ يَقُومُ بِمِثْلِهِ الْحُجَّةُ فِي مُوَاطِنِ الْخِلَافِ لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ بِمُجَرَّدِ التَّجْوِيزِ، وَتَطَرَّقَ الْمُبْطِلُونَ إِلَى دَفْعِ الْأَدِلَّةِ الصَّحِيحَةِ بِمُجَرَّدِ الِاحْتِمَالَاتِ الْبَعِيدَةِ، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ فَالْمَلْزُومُ مِثْلُهُ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ عَلَى أَنَّ الْعُجْمَةَ عِلَّةٌ مِنَ الْعِلَلِ الْمَانِعَةِ لِلصَّرْفِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْقُرْآنِ، فَلَوْ كَانَ لِذَلِكَ التَّجْوِيزِ الْبَعِيدِ تَأْثِيرٌ لَمَا وَقَعَ مِنْهُمْ هَذَا الْإِجْمَاعُ.
وَقَدِ اسْتَدَلَّ النَّافُونَ بِأَنَّهُ لَوْ وُجِدَ فِيهِ مَا لَيْسَ هُوَ بِعَرَبِيٍّ لَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ كُلُّهُ عَرَبِيًّا وَقَدْ قَدَّمْنَا الْجَوَابَ عَنْ هَذَا١.
وَبِالْجُمْلَةِ فَلَمْ يَأْتِ الْأَكْثَرُونَ بِشَيْءٍ يَصْلُحُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ، وَفِي الْقُرْآنِ مِنَ اللُّغَاتِ الرُّومِيَّةِ، وَالْهِنْدِيَّةِ، وَالْفَارِسِيَّةِ، وَالسُّرْيَانِيَّةِ، مَا لَا يَجْحَدُهُ جَاحِدٌ، وَلَا يُخَالِفُ فِيهِ مُخَالِفٌ،

١ انظر صفحة: "٦٥".

1 / 91