Irshad al-Fuhul ila Tahqiq al-Haq min 'Ilm al-Usul
إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول
پوهندوی
الشيخ أحمد عزو عناية، دمشق - كفر بطنا
خپرندوی
دار الكتاب العربي
د ایډیشن شمېره
الطبعة الأولى ١٤١٩هـ
د چاپ کال
١٩٩٩م
البحث الثامن: عدم اتصاف اللفظ قبل الاستعمال بالحقيقة والمجاز
فِي أَنَّ اللَّفْظَ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ لَا يَتَّصِفُ بِكَوْنِهِ حَقِيقَةً وَلَا بِكَوْنِهِ مَجَازًا لِخُرُوجِهِ عَنْ حَدِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، إِذِ الْحَقِيقَةُ هِيَ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ، وَالْمَجَازُ هُوَ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ.
وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْحَقِيقَةَ لَا تَسْتَلْزِمُ الْمَجَازَ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي مَا وُضِعَ لَهُ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ، وَهَذَا مَعْلُومٌ لِكُلِّ عَالِمٍ بِلُغَةِ الْعَرَبِ.
وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَسْتَلْزِمُ الْمَجَازُ الْحَقِيقَةَ؛ أَمْ لَا؟ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ اللَّفْظُ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي مَا وُضِعَ لَهُ أَصْلًا.
فَقَالَ جَمَاعَةٌ: إِنَّ الْمَجَازَ يَسْتَلْزِمُ الْحَقِيقَةَ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ: بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْتَلْزِمْ لَخَلَا الْوَضْعُ عَنِ الْفَائِدَةِ، وَكَانَ عَبَثًا وَهُوَ مُحَالٌ.
أَمَّا الْمُلَازَمَةُ: فَلِأَنَّ مَا لَمْ يُسْتَعْمَلْ لَا يُفِيدُ فَائِدَةً، وَفَائِدَةُ الْوَضْعِ: إِنَّمَا هِيَ إِعَادَةُ الْمَعَانِي الْمُرَكَّبَةِ، وَإِذَا لَمْ يُسْتَعْمَلْ لَمْ يَقَعْ فِي التَّرْكِيبِ فَانْتَفَتْ فَائِدَتُهُ.
وَأَمَّا بُطْلَانُ اللازم فظاهر.
وأجيب بمنع انحصار "فائدة"* فِي إِفَادَةِ الْمَعَانِي الْمُرَكَّبَةِ، فَإِنَّ صِحَّةَ التَّجَوُّزِ فَائِدَةٌ.
وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ: بِعَدَمِ الِاسْتِلْزَامِ -وَهُمُ الْجُمْهُورُ- بأنه لو استلزم المجاز الحقيقة لكانت لِنَحْوِ شَابَتْ لَمَّةُ اللَّيْلِ أَيِ: ابْيَضَّ الْغَسَقُ، وقامت الْحَرْبُ عَلَى سَاقٍ أَيِ اشْتَدَّتْ حَقِيقَةٌ وَاللَّازِمُ منتفٍ.
وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا بِجَوَابَيْنِ، جَدَلِيٍّ وَتَحْقِيقِيٍّ:
أَمَّا الْجَدَلِيُّ فَبِأَنَّ الْإِلْزَامَ مُشْتَرَكٌ لِأَنَّ نَفْسَ الْوَضْعِ لَازِمٌ لِلْمَجَازِ، فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمُرَكَّبَاتُ مَوْضُوعَةً لِمَعْنًى مُتَحَقِّقٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
وَأَمَّا التحقيقي: فباختيار أن لَا مَجَازَ فِي الْمُرَكَّبِ، بَلْ فِي الْمُفْرَدَاتِ، وَلَهَا وَضْعٌ وَاسْتِعْمَالٌ، وَلَا مَجَازَ فِي التَّرْكِيبِ حَتَّى يَلْزَمَ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَعْنًى. وَمَنِ اتَّبَعَ عَبَدَ الْقَاهِرِ١ فِي أَنَّ الْمَجَازَ مُفْرَدٌ ومركب ويسمى عقليًّا، وحقيقة عقلية،
* في "أ": فائدة. _________ ١ هو عبد القاهر بن الرحمن الجرجاني، أبو بكر، شيخ العربية، توفي سنة أربع وسبعين وأربعمائة هـ، من تصانيفه: "أسرار البلاغة" "دلائل الإعجاز في المعاني والبيان". ا. هـ. هدية العارفين "١/ ٦٠٦"، سير أعلام النبلاء "١٨/ ٤٣٢".
1 / 74