Irshad al-Fuhul ila Tahqiq al-Haq min 'Ilm al-Usul
إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول
پوهندوی
الشيخ أحمد عزو عناية، دمشق - كفر بطنا
خپرندوی
دار الكتاب العربي
د ایډیشن شمېره
الطبعة الأولى ١٤١٩هـ
د چاپ کال
١٩٩٩م
لَيْسَتْ عَرَبِيَّةً بَلْ سُرْيَانِيَّةً، وَالَّذِينَ جَعَلُوهَا عَرَبِيَّةً اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهَا مِنَ الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَقَّةِ، أَوِ الْمَوْضُوعَةِ، وَالْقَائِلُونَ بِالِاشْتِقَاقِ اخْتَلَفُوا اخْتِلَافًا شَدِيدًا، وَكَذَا الْقَائِلُونَ بِكَوْنِهَا مَوْضُوعَةً، اخْتَلَفُوا أَيْضًا اخْتِلَافًا كَثِيرًا.
وَمَنْ تَأَمَّلَ أَدِلَّتَهُمْ فِي تَعْيِينِ مَدْلُولِ هَذِهِ اللفظة عَلِمَ أَنَّهَا مُتَعَارِضَةٌ وَأَنَّ شَيْئًا مِنْهَا لَا يفيد الظن الغالب، فضلًا عن اليقين.
"وكذلك"١ اخْتَلَفُوا فِي الْإِيمَانِ، وَالْكُفْرِ، وَالصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، حَتَّى إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْمُحَقِّقِينَ فِي عِلْمِ الِاشْتِقَاقِ، زَعَمَ: أَنَّ اشْتِقَاقَ الصَّلَاةِ مِنْ "الصَّلَوَيْنِ" وَهُمَا عَظْمَا الْوَرِكِ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ هَذَا الِاشْتِقَاقَ غَرِيبٌ.
وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي الْأَوَامِرِ، وَالنَّوَاهِي، وَصِيَغِ الْعُمُومِ، مَعَ شِدَّةِ اشْتِهَارِهَا، وَشِدَّةِ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا، اخْتِلَافًا شَدِيدًا، وَإِذَا كَانَ الْحَالُ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ، الَّتِي هِيَ أَشْهَرُ الْأَلْفَاظِ وَالْحَاجَةُ إِلَى اسْتِعْمَالِهَا مَاسَّةٌ جِدًّا كَذَلِكَ، فَمَا ظَنُّكَ بِسَائِرِ الْأَلْفَاظِ؟ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ: ظَهَرَ أَنَّ دَعْوَى التَّوَاتُرِ فِي اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ مُتَعَذِّرٌ انْتَهَى.
وَلَا يَخْفَاكَ أَنَّ مَحَلَّ النِّزَاعِ هُوَ كَوْنُ نَقْلِ هَذِهِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ إِلَيْنَا بِطَرِيقِ التَّوَاتُرِ، عَنِ الْعَرَبِ الْمَوْثُوقِ بِعَرَبِيَّتِهِمْ، فَالِاخْتِلَافُ فِي الِاشْتِقَاقِ وَالْوَضْعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ خَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ، وَلَا يَصْلُحُ لِلتَّشْكِيكِ بِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ.
وَقَدْ تَنَبَّهَ الرَّازِيُّ لِهَذَا فَقَالَ فَإِنْ قُلْتَ: هَبْ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ دَعْوَى التَّوَاتُرِ فِي مَعَانِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ، عَلَى سَبِيلِ التَّفْصِيلِ، وَلَكِنَّا نَعْلَمُ مَعَانِيَهَا فِي الْجُمْلَةِ، فَنَعْلَمُ أَنَّهُمْ يُطْلِقُونَ لَفْظَ "اللَّهِ" تَعَالَى عَلَى الْإِلَهِ سُبْحَانَهُ، وَإِنْ كُنَّا لَا نَعْلَمُ مُسَمَّى هَذَا اللَّفْظِ أَهُوَ الذَّاتُ، أَمِ الْمَعْبُودِيَّةُ، أَمِ الْقَادِرِيَّةُ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي سَائِرِ الْأَلْفَاظِ.
قُلْتُ: حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّا لَا نَعْلَمُ إِطْلَاقَ لَفْظَةِ "اللَّهِ" "عَلَى الْإِلَهِ"٢ ﷾ من غير أن نعلم أن مُسَمَّى هَذَا الِاسْمِ ذَاتِهِ أَوْ كَوْنِهِ "مَحْمُودًا أَوْ كَوْنِهِ"٣ قَادِرًا عَلَى الِاخْتِرَاعِ، أَوْ كَوْنِهِ مَلْجَأَ الْخَلْقِ أَوْ كَوْنِهِ بِحَيْثُ تَتَحَيَّرُ الْعُقُولُ فِي إِدْرَاكِهِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَعَانِي الْمَذْكُورَةِ لِهَذَا اللَّفْظِ، وَذَلِكَ يُفِيدُ نَفْيَ الْقَطْعِ بِمُسَمَّاهُ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ، مَعَ نِهَايَةِ شُهْرَتِهَا، وَنِهَايَةِ الْحَاجَةِ إِلَى مَعْرِفَتِهَا، كَانَ تَمَكُّنُ الِاحْتِمَالِ فِيمَا عَدَاهَا أَظْهَرُ انْتَهَى.
وَهَذَا الْجَوَابُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ قَدْ نُقِلَتْ إِلَيْنَا عَلَى طَرِيقَةِ التَّوَاتُرِ، وَنَقَلَ إلينا الناقلون
_________
١ في "أ": "وكذا.
٢ ما بين قوسين ساقط من "أ".
٣ ما بين قوسين ساقط من "أ".
1 / 48