Irshad al-Fuhul ila Tahqiq al-Haq min 'Ilm al-Usul
إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول
پوهندوی
الشيخ أحمد عزو عناية، دمشق - كفر بطنا
خپرندوی
دار الكتاب العربي
د ایډیشن شمېره
الطبعة الأولى ١٤١٩هـ
د چاپ کال
١٩٩٩م
احْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِالْمَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ:
أَمَّا الْمَنْقُولُ فَمِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ ١.
دَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْأَسْمَاءَ تَوْقِيفِيَّةٌ، وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْأَسْمَاءِ، ثَبَتَ أَيْضًا فِي الْأَفْعَالِ، وَالْحُرُوفِ؛ إِذْ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ.
وَأَيْضًا: الِاسْمُ إِنَّمَا سُمِّيَ اسْمًا لِكَوْنِهِ عَلَامَةً عَلَى مُسَمَّاهُ، وَالْأَفْعَالُ، وَالْحُرُوفُ كَذَلِكَ، وَتَخْصِيصُ الِاسْمِ بِبَعْضِ أَنْوَاعِ الْكَلَامِ اصْطِلَاحٌ لِلنُّحَاةِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ ذَمَّ قَوْمًا عَلَى تَسْمِيَتِهِمْ بَعْضَ الأشياء، دون توقيف، بقوله تعالى: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَان﴾ ٢.
فَلَوْ لَمْ تَكُنِ اللُّغَةُ تَوْقِيفِيَّةً لَمَا صَحَّ هَذَا الذَّمُّ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ﴾ ٣.
وَالْمُرَادُ: اخْتِلَافُ اللُّغَاتِ، لَا اخْتِلَافَاتُ "تَأْلِيفَاتِ"* الْأَلْسُنِ.
وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ الِاصْطِلَاحَ إِنَّمَا يَكُونُ بِأَنْ يُعَرِّفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ مَا فِي ضَمِيرِهِ، وَذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِطَرِيقٍ، كَالْأَلْفَاظِ، وَالْكِتَابَةِ، وَكَيْفَمَا كَانَ، فَإِنَّ ذَلِكَ الطَّرِيقَ. إِمَّا الِاصْطِلَاحُ، وَيَلْزَمُ التَّسَلْسُلُ، أَوِ التَّوْقِيفُ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِالْمُوَاضَعَةِ لَجَوَّزَ الْعَقْلُ اخْتِلَافَهَا، وَأَنَّهَا عَلَى غَيْرِ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ اللُّغَاتِ قَدْ تَبَدَّلَتْ، وَحِينَئِذٍ لَا يُوثَقُ بِهَا. وَأُجِيبَ عَنِ الاستدلال بقوله: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاء﴾ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعْلِيمِ الْإِلْهَامُ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ﴾ ٤، أَوْ تَعْلِيمُ مَا سَبَقَ وَضْعُهُ مِنْ خَلْقٍ آخر، أو المراد
_________
* وقع تحريف في الأصل وهو بالتفات والصواب تأليفات كما ذكر في حاشية النسخة "أ".
_________
١ جزء من الآية "٣١" من سورة البقرة.
٢ جزء من الآية "٣٢" من سورة النجم.
٣ جزء من الآية "٢٢" من سورة الروم.
٤ جزء من الآية "٨٠" من سورة الأنبياء.
1 / 42