ارشاد
الإرشاد إلى نجاة العباد للعنسي
الشرط الثاني: أن لا يتوب من قبيح مع استمراره على قبيح آخر ؛ لأن ذلك يهيج ذلك الداء الذي تاب منه، ويبطل دواء ه، ويقتضي أنه ما تاب عن ذلك الذنب لقبحه بل لعله تاب منه لما ظهر عليه، أو لمخافة الفضيحة، أو لأنه غير معتاد له فلهذا أقام على غيره، وقد بينا ذلك مفصلا في كتاب التكميل، والغرض هاهنا التعريف لما يقع به الخلاص، والزجر لما يقع به المعاصي فقط، لإقامة البراهين بالحجج، وأيضا فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والمستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه)(1) والخبر يدل على الشرطين جميعا لمن تأمله.
فأما صفة التوبة وشروطها في كل ذنب
فاعلم أن ترك كل قبيح واجب، وهو حق الله تعالى وحده الذي حد، ولكنه ينقسم إلى ما يكون حقا لله محضا، وإلى ما لا يكون حقا محضا، بل يكون مشتركا بين الله تعالى وبين عباده بتمليكه لهم ذلك، فإن كان حقا لله تعالى محضا، نحو الجهل بالله، وتشبيهه بخلقه، ووصفه بما لم يتصف به، وغير ذلك مما ذكرناه في العقيدة، ونحو:ترك الصلاة والصيام وغير ذلك من العبادات، ونحو فعل الزنا وشرب الخمر، وغير ذلك مما ليس فيه حق يتعلق بالغير، فإن الشرط الذي يختصه أنه إن كان ذلك واقعا منه جهرا كانت التوبة جهرا،
وإن كان واقعا منه سرا أجزت التوبة منه سرا.
وعلى هذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (يا معاذ اذكر الله عند كل حجر ومدر، وأحدث لكل ذنب توبة السر بالسر والعلانية بالعلانية).
مخ ۳۲۴