نل ما بدا لك أن تنال من ال دنيا فإن الموت آخره وعن جعفر بن محمد في حديث طويل (إن الله تعالى أمر جبريل أن يحمل محمدا إلى ملك الموت ليسأله عن الموت، قال: فإذا بكرسي ملأ السموات، وعليه ملك الموت ملأ الكرسي، أحد قدميه بالمشرق والأخرى بالمغرب، والدنيا كلها بين ركبتيه، والخلائق بين عينيه، وبيده حربة، وبين عينيه لوح من زمردة، وهو قاعد لا يلتفت، وحوله أعوان لو أن أحد العون فتح فاه لا لتقم السموات والأرض، وهو لا يكلمهم إلا همسا، فهالني ذلك قلت: من هذا ؟ قال جبريل: هذا ملك الموت. قلت: جئت بي ليقبض روحي ؟ قال: لا بل تستوفي أجلك، ولكن جئت بك لتسأله عن صفة الموت فاسأله، فسلمت على ملك الموت فرد، وقلت: يا ملك الموت أنت تقبض الأرواح كلها بإذن الله ؟ قال: نعم. قلت: فما الذي بيدك ؟ قال : هذه حربة الموت. قلت: وما تصنع بها ؟ قال: أقطع بها الأرواح وأطعن بها في القلوب فبكيت، وقلت: كيف صبر أمتي على بأسك وشدتك ؟ قال: معهم ترس يقيهم شر هذه الحربة. قلت: وما ذاك ؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ففرحت، قال: قلت: فما هذا اللوح بين عينيك ؟ قال: فيه آجال بني آدم مكتوبة. قلت: وكيف تعلم انقطاع الآجال ؟ وهل لديك من علامة ؟ قال: نعم إن لكل ذي روح في السماء بابين، باب رزق وباب عمل، فإذا رأيت أن الرزق لا ينزل، والعمل لا يصعد بعثت أعواني يعالجون روحه. قلت: فما الذي بين عينيك ؟ قال: الدنيا والخلائق بين عيني، أبصر ما في الأرحام، فأقبض روج الجنين في بطن أمه، فذلك قوله تعالى: {أينما تكونوا يدركم الموت}(1) الآية قلت: فصف لي كيف تقبض روح المؤمن والكافر ؟ قال: إذا انقضى أجل مؤمن بعثت أعواني إليه، وهم يكبرون الله، ويحمدونه ويسبحونه، فإذا أتوه رأوا أهله مكتنفين حوله يمرضونه، وقد ذبلت شفتاه، وأزبد شدقه، وثقل لسانه، وأظلمت عيناه، وارتعشت يداه وركبتاه، وذابت كبده، فيبقى متوحشا، فيلقنونه لا إله إلا الله أول ما يأتونه، وذلك أني أمرتهم، فأكون في تلك الحال ألطف به من الوالدة الشفيقة، فترفق الملائكة بسل روحه، فيسلونه رويدا رويدا، ثم يدعونه يستريح. وأما روح الكافر فتنزعن، وتغرقن في بحور الحميم، فذلك قوله تعالى: {والنازعات غرقا}(1).
وقيل: قال ملك الموت:(أعرف انقضاء الأجل بأن أرى اسمه مضروبا عليه بسواد، فأشير إليه بإصبعي فيفارق الروح الجسد).(2)
وروي (أن بين يديه شجرة عليها أوراق خضر، مكتوب عليها أسماء الناس، فمن حان أجله اصفر ذلك الورق وسقط، فيقبض روحه)(3).
وهذه المعرفة الأولى، فنسأل الله حسن الاستعداد للموت، وأن يسهل علينا سكراته، بحق محمد وآله صلوات الله عليهم.
المعرفة الثانية: عذاب القبر وثوابه
اعلم أنه لابد منه، فإن القرآن يدل عليه، والأخبار فيه كثيرة، ترويها الجماعة الكثيرة، من الصحابة رضي الله عنهم، وعليه أكثر أهل هذه الملة.
وأما وقته: فلا يعلم، ويجوز أن يعجل لبعضهم دون بعض.
وبيان ذلك: قوله تعالى:{ قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين}(4) ولا تقع الإماتة مرتين إلا بعد حياة قبل البعث.
وقال تعالى: {سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم}(5) قيل: المرة الأولى بالسيف في الدنيا. والثانية: في القبر. والثالثة: في النار.
وقال تعالى: {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا}(6) وهذا صريح لأنه ليس في الآخرة.
قيل: وقال تعالى: {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم}(7) الآية.
مخ ۲۶۰