وقوعه في وقت معين تعلق العلم بتعيين وجوده في ذلك الوقت لعلة تعلق الارادة به فتكون الإرادة للتعيين علة ويكون العلم متعلقًا به تابعًا له غير مؤثر فيه، ولو جاز أن يكتفى بالعلم عن الارادة لاكتفي به عن القدرة، بل كان ذلك يكفي في وجود أفعالنا حتى لا نحتاج إلى الإرادة، إذ يترجح أحد الجانبين بتعلق علم الله تعالى به وكل ذلك محال.
فإن قيل: وهذا ينقلب عليكم في نفس الارادة، فإن القدرة كما لا تناسب أحد الضدين فالارادة القديمة أيضًا لا تتعين لأحد الضدين، فاختصاصها بأحد الضدين ينبغي أن يكون بمخصص ويتسلسل ذلك إلى غير نهاية، إذ يقال الذات لا تكفي للحدوث، إذ لو حدث من الذات لكان مع الذات غير متأخر فلا بد من القدرة والقدرة لا تكفي إذ لو كان للقدرة لما اختص بهذا الوقت وما قبله وما بعده في النسبة إلى جواز تعلق القدرة بها على وتيرة، فما الذي خصص هذا الوقت فيحتاج إلى الارادة؟ فيقال: والارادة لا تكفي، فإن الإرادة القديمة عامة التعلق كالقدرة، فنسبتها إلى الأوقات واحدة ونسبتها إلى الضدين واحدة، فإن وقع الحركة مثلًا بدلًا عن السكون لأن الارادة تعلقت بالحركة لا بالسكون.
فيقال: وهل كان يمكن أن يتعلق بالسكون؟ فإن قيل: لا، فهو محال؛ وإن قيل: نعم، فهما متساويان؛ أعني الحركة والسكون في مناسبة الإرادة القديمة فما الذي أوجب تخصيص الإرادة القديمة بالحركة دون السكون فيحتاج إلى مخصص ثم يلزم السؤال في مخصص المخصص ويتسلسل إلى غير نهاية..
قلنا: هذا سؤال غير معقول حير عقول الفرق ولم يوفق للحق إلا أهل السنة فالناس فيه أربع فرق:
1 / 62