كذلك في الضفة الغربية، يقرر بورنشتاين أن:
الصبية القادمين من المخيمات كانوا ينظر إليهم بعين الشك حين يكونون في القرية؛ فلم يكونوا يحيون، كما في القرى الأخرى، بعبارات الترحيب اللطيفة. كانت توجد بعض علاقات الصداقة، ولكنها بدت نادرة، وكان طلاب المدارس الثانوية القادمون من القرى يضطرون للسير كيلومترا إضافيا للوصول إلى المدرسة في البلدة الرئيسية نظرا لأنهم كانوا يلتفون حول المخيم بدلا من السير عبره. (2002ب، 20)
تتضح أقلمة الوعي أيضا بين فلسطينيي الشتات؛ فيزعم بيريتز، الذي يكتب تحديدا عن اللاجئين في الدول العربية الأخرى، أن «اختلافا كبيرا في وجهة النظر بين الفلسطينيين في المخيمات وأولئك الذين خارجها هو السبب الذي جعل سكان المخيمات يتوارون في الوعي الفلسطيني. وعلى الرغم من أن الأطفال - وآباءهم في كثير من الأحيان - لم يروا فلسطين قط، فهم يعتقدون أن فلسطين هي وطنهم» (1993، 27). وبوصفها أقاليم احتواء، يمكن إغلاق المخيمات بحسب مشيئة السلطات الإسرائيلية، ويدخل الجيش المخيمات على نحو روتيني بحثا عن المجاهدين. (4-3) نقاط التفتيش
سواء في مخيمات رسمية أم لا، تمارس منظومة إقليمية متغلغلة للسيطرة عملها عبر أرجاء الأراضي المحتلة. لقد أسفرت اتفاقية أوسلو، كما أشرنا، عن «مجموعة مركبة من الأقاليم ذات وضع متباين («أ» و«ب»، و«ج») اعتمادا على طبيعة السيطرة الأمنية عليها. ومعظم السكان الذين يعيشون في جزيرتي «أ» و«ب» المفترقتين، اللتين تفصل بينهما أراضي المنطقة «ج» الشاسعة، ومئات القرى وست بلدات؛ قد تصاب بالشلل بفعل الحواجز والخنادق الموضوعة بطريقة استراتيجية والدبابات والرماة التابعين للجيش الإسرائيلي؛ مما يؤدي إلى تدمير اقتصاد كامل وتعطيل الحياة الاجتماعية برمتها» (هاس 2002، 9). وقد تم تفعيل «مصفوفة سيطرة» ضخمة عبر أنحاء الضفة الغربية وغزة (هالبر 2002)، تتألف من نقاط تفتيش وتصاريح وممرات وعمليات إغلاق وحظر تجوال، شلت حركة الشعب الفلسطيني بأكمله فعليا لأيام أو حتى أسابيع.
وتشير منظمة العفو الدولية إلى أنه في أغسطس 2003 كان يوجد ما يزيد على 300 نقطة تفتيش وحاجز طريق إسرائيلي في الأراضي المحتلة.
عند نقاط التفتيش، غالبا ما يقوم الجنود بتفتيش السيارات أو المارة ببطء، وأحيانا ما يوقفون حركة المرور ويرفضون فحص بطاقة هوية دون شرح وتوضيح. وبين حين وآخر، كانت الحشود تتزايد عند نقاط التفتيش، ويطلق الجنود النيران في الهواء أو يلقون قنابل صوت أو غاز مسيل للدموع لتفريقهم. وكثيرا ما تسير عمليات الإغلاق الداخلي على نحو تعسفي. وحقيقة أن الجنود يحظون بحرية فردية واسعة في السماح بحركة الفلسطينيين أو منعها؛ تقوض ادعاء السلطات الإسرائيلية بأن الإغلاق الداخلي هو نظام رشيد قائم على احتياجات أمنية صارمة. (منظمة العفو الدولية 2003، 19)
تم تناول النتائج التجريبية لأولئك القابعين على الطرف المتلقي لهذه العمليات الإقليمية تفصيليا أيضا في تقرير منظمة العفو الدولية. «تؤدي الأنشطة العادية، مثل الذهاب إلى العمل أو المدرسة، أو اصطحاب طفل رضيع للحصول على اللقاحات، أو حضور جنازة أو حفل زفاف، إلى تعريض النساء والرجال، والكبار والصغار، لمخاطر من هذه النوعية؛ ومن ثم يحد العديد من الناس من أنشطتهم خارج المنزل لتقتصر على الضروري منها قطعا» (2003، 4).
ويتم التعبير عن الإقليمية الجزئية للسلطة من خلال منظومة معقدة من التراخيص وتصاريح الدخول. وقد ذكرت هذه المنظومة بالفعل فيما يتعلق بالخط الأخضر، ولكنها أكثر تغلغلا بكثير.
لقد حولت منظومة الدخول حقا الحقوق الأساسية العالمية إلى امتياز مطلوب - أو جزء من امتياز - مخصص لأقلية على أساس كل حالة على حدة. فلم يكن الامتياز كاملا؛ إذ كان له تدرجات؛ فكان بعض تصاريح الدخول يسمح بإقامة لمدة ليلة واحدة في إسرائيل، والبعض الآخر يشترط العودة بحلول الظلام، والبعض منها كان لمدة شهر كامل. واليد التي تمنح هي اليد التي تأخذ أيضا؛ ففي بعض الشهور قد يمنح ما يقرب من 1000 رجل أعمال تصاريح دخول، وفي شهور أخرى 300 فقط؛ وأحيانا تكون تصاريح الدخول للغزيين إلى إسرائيل والضفة الغربية، وأحيانا إلى الضفة الغربية فقط. وهكذا كان مجتمع بأكمله مقسما ومجزأ على أساس ما إذا كان لدى الشخص حق الحصول على «امتياز» حرية الحركة أم لا، وبأي قدر يسمح له بذلك. (هاس 2002، 8)
وقد أدلى أحد المحامين الحقوقيين بشهادته لمنظمة العفو الدولية بشأن تجربة منظومة الترخيص وتصريح الدخول: «في كل مرة أقود السيارة على هذه الطرق وأرى دبابة من بعيد، أتساءل عما إذا كنت سأنجح في العودة إلى المنزل لأرى أطفالي مجددا أم لا. إن لدي تصريحا، لمدة شهر، ولكن إذا صوب الجنود نيرانهم نحوي وقتلت، فلن يحقق التصريح أي نفع لي أو لعائلتي» (منظمة العفو الدولية 2003، 17).
ناپیژندل شوی مخ