مقدمة ... بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله، وصحبه، ومن سار على نهجه. أما بعد: فإن كتاب "إقامة الحجة والدليل وإيضاح المحجة والسبيل على ما موّه به أهل الكذب والْمَين من زنادقة أهل البحرين" كتابٌ احتجب عن الأعين زمنًا طويلًا، وتوارى عن دور أهل العلم إلا قليلًا قليلا، حتى يئس أكثر الطلاب من العثور عليه، وانقطع أملهم في الوصول إليه. ولما نما إلى السمع زمجرة المحبين بالشوق إلى رؤيته ومدارسته، وأنين العاشقين إلى مسامرته ومنادمته. وشاهدت العين: ركابَ المولعين أنيخت بأطلاله وآثاره، وخيامَهم نصبت قرب أبوابه وحُجّابه. تاقت النفس إلى قضاء وطرهم، وتفريج كربهم، وبعث السرور إلى نفوسهم. فأملت علي: إحياءه وبعثه، وتجديده ونشره. فاستجبت لذلك ولبيت، وبادرت وما تأنيت، وها هو اليوم قد دنت ثماره للمجتنين، وسهل تناولها للمقتطفين، بعد أن مرّت على شجرته سبعة وسبعون عاما لم تسق بماء، ولم تلقح بهواء، ولم تبرز لسَمَاء.

1 / 5

والله تعالى وحده أرجو أن يصلح لي النية والعمل، وأن يجنبني طريق الزلل والخطل، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وقد احتوى هذا الكتاب على ردِّ أسئلة ألقاها بعض زنادقة العصر، تتضمن لَمْزَ الحكمة الإلهية في تشريع مناسك الحج، والاعتراض عليها. وقد أرسلوا هذه الأسئلة إلى العلامة الجليل الشيخ محمد رشيد رضا- رحمه الله تعالى – وطلبوا منه الإجابة عليها، فلبى طلبهم، وأجابهم على أسئلتهم، ظنا منه حسن نيتهم، وصدق رغبتهم، وخفي عليه – لبعده عنهم – سوء مقصدهم، وخبث طويتهم. ولما كان الشيخ سليمان بن سمحان عالمًا بمنهجهم، مطلعا على هدفهم ومكرهم، تصدى للردّ على أسئلتهم، ردًّا يناسب زندقتهم، ويكشف مهاترتهم، ويكسر شوكتهم، ويعلن للملإ أنهم إنما ألقوا هذه الأسئلة التشكيكية، وأثاروا هذه القضايا البدهية، طعنا في الخالق سبحانه وفي حكمته، ونقدًا لشريعة محمد ﷺ ومنهجه. فجزى الله الشيخ سليمان خيرًا على بذله القلم واللسان، في نصر السنة والقرآن، ومؤازرة أهل العلم والإيمان. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. كتبه الفقير إلى ربه القدير عبد السلام بن برجس بن ناصر آل عبد الكريم ٢/٢/ ١٤٠٩؟ الرياض. _________ طبعنا هذا الكتاب عن النسخة الحجرية المطبوعة في دلهي بالهند عام ١٣٣٢ هـ

1 / 6

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، كالمبتدعة والمشركين، والزنادقة المكذبين، الذين يصدُّون عن سبيل الله من آمن به ويبغونها عوجا أولئك في ضلال مبين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وقيوم السموات والأرضين. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الصادق الأمين، الذي أكمل الله به الدين، وبلّغ البلاغ المبين، فنصح الأمة، وكشف الغمة، وأدى الأمانة، وعَبَدَ الله حتى أتاه اليقين، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله، وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإني لَمّا قدمت إلى البحرين في سنة ١٣٣٢ "اثنين وثلاثين وثلاثمائة وألف" من الهجرة النبوية، رأيت سؤالًا أورده بعض زنادقة أهل البحرين، يسألون فيه عن الحكمة في أشياء مما شرعه الله ورسوله من مناسك الحج، وأرسلوا به إلى صاحب مجلة المنار: السيد محمد رشيد رضا، وكانوا فيما يزعم زعيمهم، وهو رجل يقال له: ناصر بن خيري – انتسب السائل إلى غير أبيه، إذ هو: ناصر بن مبارك، ولا يخفى ما فيه

1 / 7

من الإثم- أنهم عشرة أشخاص، قد اتفقوا واجتمعوا على اعتقاد هذه الزندقة، وتصدير هذه السفسطة والمخرقة. ولا ريب أن هؤلاء أناس قد انتكست قلوبهم، وعمي عليهم مطلوبهم، وغلظت طباعهم، وكثف عن معرفة الله وشرعه ودينه حجابهم، فهم في مهامة الغيّ يعمهون، وفي ريبهم يترددون، ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون، وقد أجابهم على سؤالهم السيد محمد رشيد رضا – صاحب المنار – على قَدْرِ ما أظهروه من طلب الحق والاستفادة، وما تزندقوا به من ذلك، ونمَّقُوه من تحسين العبارة والإجادة، وما علم أنهم زنادقة جهال، وأهل ابتداع وضلال، يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون. وسبب منشأ هذا الضلال الذي اعتمده هؤلاء الزنادقة الضُّلاّل هو: الإعراض عن كتاب الله، وسنة رسوله، وكلام أهل العلم من سلف هذه الأمة وأئمتها، وطلب الهدى في مقالات أهل الجهالة والضلالات، والمعارضين لكتاب الله وسنة رسوله بالشُّبه والبدع المحدثات، ونتائج أفكارهم بالمقاييس والسياسات التي أحدثتها الملاحدة من زنادقة هذه الأمة ومنافقيها. ولو اعتصم هؤلاء الجهال بكتاب الله وسنة رسوله، لأغناهم ذلك عن طلب الهدى في غير ما أنزل الله في كتابه، وما أنزله من الحكمة على أفضل رسله وأنبيائه، قال الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُون﴾ [التوبة: من الآية١١٥]، وقال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ

1 / 8

الْأِسْلامَ دِينا﴾ [المائدة: ٣]، وقال تعالى: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُل﴾ [النساء: ١٦٥]، وقال تعالى: ﴿وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِين﴾ [النور: ٥٤]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَم﴾ [الإسراء: ٩]، وقال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتا وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾ [النساء: ٦٦- ٦٧ - ٦٨]، وقال تعالى: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِين يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلام﴾ [المائدة: ١٥ – ١٦] . وقال أبو ذر ﵁: لقد توفي رسول الله ﷺ وما طائر يقلب جناحيه إلا ذكر لنا منه علمًا ١. وفي صحيح مسلم أن بعض المشركين قالوا لسلمان: لقد علمكم نبيكم كلّ شيءٍ حتى الخراءة. قال: أجل ٢. _________ ١ أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٥/١٥٣-١٦٢. قال في الفتح الرباني ١/١٥٣: لم أقف عليه في غير الكتاب، وفي سنده أشياخ من التيم لم يسموا. ا؟. قلت: قد رواه الطبراني أيضًا. قال الهيثمي في المجمع ٨/٢٦٣-٢٦٤: رجال الطبراني رجال الصحيح، غير محمد بن عبد الله المقري وهو ثقة. وفي إسناد أحمد من لم يسم. ا؟. ولفظه الذي ساقه الهيثمي "لقد تركنا رسول الله ﷺ وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا ذكرنا منه علمًا". ثم ذكره ص٢٦٤ بلفظ "لقد تركنا رسول الله ﷺ وما في السماء طائر يطير بجناحيه إلا ذكرنا منه علمًا". وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. ٢ أخرجه مسلم في كتاب الطهارة من صحيحه ١/٢٢٣.

1 / 9

اصول - د اسلامي متنونو لپاره څیړنیز اوزار

اصول.اي آی د اوپنITI کورپس څخه زیات له 8,000 اسلامي متونو خدمت کوي. زموږ هدف دا دی چې په اسانۍ سره یې ولولئ، لټون وکړئ، او د کلاسیکي متونو د څیړلو کولو لپاره یې آسانه کړئ. لاندې ګډون وکړئ ترڅو میاشتني تازه معلومات په زموږ د کار په اړه ترلاسه کړئ.

© ۲۰۲۴ اصول.اي آی بنسټ. ټول حقوق خوندي دي.