بدعةٌ مكروهة، وأن الاجتماعَ لها ليس من المصلحة، فلمّا عدلَ عن ذلك
إلى القول بأنه إنما ترك ذلك مخافةَ أن تُفرَضَ عليهم ثبتَ أنّ هذه الصلاةَ
والتجمُّعَ لها سُنةٌ حسنة، وأنه إنما امتنع من ذلك - مع إيثاره لها - خِيفةَ أن
تُفرَض، فلما تُوفَي رسولُ الله صلَّى الله عليه وانختم الوحيُ وانقطعت
الرسالة، أُمِنَ فَرضُ ذلك وزال الخوفُ منه عادت الصلاةُ والتجمُّع لها إلى ما
كانت عليه من الحسن، واستُحِب لكل مسلم فعلُ مثلِ ما كان رسولُ الله
ﷺ فعله - على وجه التقرب - ودعا إليه، ورغَب فيه، وقد تظاهرت الأخبار عنه ﷺ أنه كان يكثِرُ الترغيبَ في هذه الصلاةِ ويحث على فعلِها، ويرى الناسَ مجتمعين للقيام بها وأفذاذًا، فيُقِرُّ الفريقين جميعا ويستحسن ذلك من صنيعهم.
وروى عبدُ الرزاق عن ابن جُرَيجٍ عن عطاء أن القيامَ كان على عهدِ
رسول الله ﷺ في رمضانَ يقوم النفرُ والرجلُ كذلك، والنفرُ وراءَ الرجل، فكان عمرُ أولَ من جمع الناس على قارئٍ واحد، ومن المُحال أن يكثر هذا منهم ويتردّد على عهدِ رسول الله ﷺ ولا يرى ﵇ اجتماعَهم، ولا يسمعَ منه بذلك، ولو كان الاجتماعُ لهذه الصلاة مُنكرًا لأنكره وزجره عنه، ورغّبَ في سواه، وإنما ترك هو التقدمَ بهم لعلةِ ما ذكره، ولعلهم أو كثيرًا منهم مجمّعون لأنفسهم ويبلغه ذلك فلا ينكر عليهم، وكيف يُنكر عليهم ذلك وهو يحثهم ويبعثهم على هذه الصلاةِ والمحافظةِ عليها بغاية الترغيب؟!