ودلت الآية: أن من لم يرد عند التنازع إلى كتاب الله وسنة نبيه. فليس بمؤمن؛ لقوله تعالى: ﴿إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ فهذا شرط ينتفي المشروط بانتفائه.
ومحال أن يأمر الله الناس بالرد إلى ما لا/ يفصل النزاع، لاسيما في أصول الدين: التي لا يجوز فيها التقليد عند عامة العلماء.
وقال الله تعالى: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا﴾ (١) .
ولما أخبر النبي ﷺ بوقوع الاختلاف الكثير بعده- بين أمته-: أمرهم عند وجود الاختلاف بالتمسك بسنته، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده، فقال ﷺ: " إنه من يعش منكم سيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة" (٢) .
ولم يأمرنا الله ولا رسوله: بالرد- عند التنازع والاختلاف- إلى ما عليه أكثر الناس، ولم يقل الله ولا رسوله: لينظر أهل كل زمان إلى ما عليه أكثر أهل زمانهم، فيتبعونهم. ولا إلى أهل مصر معين، أو إقليم (٣) .
وإنما الواجب على الناس: الرد (٤) إلى كتاب الله وسنة نبيه، وسنة
_________
(١) سورة النساء آية ٦٥.
(٢) قطعة من حديث العرباض بن سارية، أخرجه أبو داود في "السنن" رقم ٤٦٠٧، والترمذي في "الجامع" رقم ٢٦٧٦، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه في "السنن" رقم ٤٢، وأحمد في "المسند"٤/١٢٦، ١٢٧، والحاكم في "المستدرك" ١/٩٥،والبيهقي في "الدلائل" ٦/٥٤١، وأبو نعيم في "الحلية" ٥/٢٢٠، ١٠/١١٥، وقال: هو حديث جيد، من صحيح حديث الشاميين. كما في "الجامع" للحافظ ابن رجب /١٨٧،وصححه الحافظ بن تيمية في "الاقتضاء" ٢/٥٧٩.
(٣) (ط): أو اقليم. ساقط.
(٤) (ع): الرد عند التنازع.
1 / 88