والذين يجعلون مع الله آلهة أخرى: مثل الملائكة، والمسيح (١) وعزير، والصالحين أو قبورهم. لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق وترزق، وإنما كانوا يدعونهم، يقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله.
فبعث الله الرسل تنهى أن يدعا أحد من دونه: لا دعاء عبادة ولا دعاء استعانة (٢) .
وقال أيضا ﵀ وقد سئل عن رجلين تنازعا، فقال أحدهما: لابد لنا من واسطة بيننا وبين الله؛ فإنا لا نقدر أن نصل إليه إلا بذلك، فأجاب الشيخ ﵀ بقوله-: إن أراد بذلك (٣) أنه لابد لنا من واسطة تبلغنا أمر الله، فهذا حق؛ فإن الخلق لا يعلمون ما يحبه الله ويرضاه، وما يأمر (٤) به وينهى عنه، إلا بواسطة الرسل الذين أرسلهم الله إلى عباده.
وهذا مما (٥) أجمع عليه أهل الملل: من المسلمين، واليهود، والنصارى؛ فإنهم يثبتون الوسائط بين الله وبين عباده: وهم الرسل الذين بلغوا عن الله أوامره ونواهيه، قال تعالى: ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ﴾ (٦) ومن أنكر هذه الوسائط، فهو كافر بإجماع أهل الملل.
وإن أراد (٧) بالواسطة: أنه لابد من واسطة يتخذها العباد بينهم وبين الله، في جلب المنافع ودفع المضار- مثل أن يكونوا واسطة في رزق العباد ونصرهم وهداهم- يسألونه (٨) بذلك (٩) ويرجعون إليه فيه.
_________
(١) (ع): مثل المسيح والملائكة.
(٢) ينظر "مجموع فتاوى ابن تيمية"١١/٤٩٩-٥٠٢.
(٣) (ط): بذلك. ساقطة.
(٤) (ط): ويأمر.
(٥) (ط): ما.
(٦) سورة الحج آية ٧٥.
(٧) (ط): أرادوا.
(٨) (ط): يسألون.
(٩) (ع) (ط): ذلك.
1 / 60