الشرك الذي لا يغفر. ولا عذر لمكلف في الجهل بذلك.
ولا يجوز فيه التقليد؛ لأنه أصل الأصول. فمن لم يعرف المعروف وينكر المنكر فهو هالك، لاسيما أعظم المعروف / وهو التوحيد، وأكبر المنكرات وهو الشرك.
قال رجل لعبد الله بن مسعود ﵁: هلكت إن لم آمر بالمعروف وأنه عن المنكر! فقال ابن مسعود: هلكت إن لم يعرف قلبك المعروف وينكر المنكر (١) .
وبمعرفة التوحيد يعرف أهله؛ كما قال علي ﵁: اعرف الحق تعرف أهله.
وأما الإقرار بتوحيد الربوبية: وهو أن الله سبحانه خالق كل شيء ومليكه ومدبره، فهذا يقر به المسلم والكافر، ولابد منه. لكن لا يصير به الإنسان مسلما، حتى يأتي بتوحيد الإلهية الذي دعت إليه الرسل، وأبى عن الإقرار به المشركون، وبه يتميز المسلم عن الشرك وأهل الجنة من أهل النار.
وقد أخبر سبحانه في مواضع من كتابه عن المشركين: أنهم يقرون بتوحيد الربوبية. ويحتج عليهم سبحانه بإقرارهم بتوحيد الربوبية على إشراكهم في توحيد الإلهية، قال سبحانه: ﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ * فَذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ﴾ الآية (٢) .
_________
(١) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" ١/١٣٥ عن طارق بن شهاب قال: جاء عتريس ابن عرقوب الشيباني إلى عبد الله، فذكره وهو عنده بلفظ:هلك من لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر. قال: بل هلك من لم يعرف قلبه المعروف، وينكر قلبه المنكر.
(٢) سورة يونس الآيتان ٣١، ٣٢.
1 / 30