٢٥ - فصل
ومن الأدلة المذكورة في الرسالة لنا قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ﴾ (^١)، واختلاف الألسن هي اللغات في الكلام (^٢).
فاعترض القدري المخالف على هذا الاستدلال وقال: اختلاف الألسن المراد به: اللغات التي عرفهم الله إياها والأسماء التي علمها الله آدم وليس فيها دليل أن أعمال العباد خلق لله، قال: ولعل هذا المستدل ظن الاختلاف في الألسن (^٣) معطوف على السموات والأرض وأنه مخلوق كالسموات والأرض، ولو كان كذلك لكان الاختلاف مجرورًا، وهذا يدل على جهل هذا المستدل بالعربية.
هذا نكتة قوله ومعتمده دون ما شابه من الأذية.
يقال لهذا المعترض قبل الجواب على ما أورده: قد قيل في المثل: "لا تهرف قبل أن تعرف" (^٤) وقال الله تعالى: ﴿فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ (^٥) وكان ينبغي له أن يسأل أين موضع الحجة من الآيات إذا لم يكن في فهمه ما يؤديه إلى علمه قبل السؤال، ولكن حمله قلة الحياء والدين والعلم على الكلام فيما لا يليق بالعلماء، ولا يخفى على المستدل أن الاختلاف ليس بمعطوف على السموات والأرض، ولكنه معطوف على