١٧ - فصل
قال هذا المخالف: اسم القدرية يلزم أصحاب الحديث وأهل السنة، لأنهم يقولون: إن المؤمن يقدر على الخير ولا يقدر على الشر، والكافر يقدر على الشر ولا يقدر على الخير فلذلك سمو قدرية.
والجواب: أن هذا دعوى لا برهان عليها، ومخالف لما فسره النبي ﷺ لما سئل عن القدرية؟ فقال: "هم الذين يقولون الخير من الله والشر من إبليس ومن أنفسهم" (^١)، فبطل أن يكون المعنى هو ما فسره المخالف.
وبعد هذا فإنا لا نقول إن المؤمن يقدر على الخير ولا يقدر على الشر ولا الكافر يقدر على الشر ولا يقدر على الخير كما قالوه، وإنما نقول القدرة وهي الاستطاعة التي خلقها الله في العبد تصلح للخير والشر فإن أراد الله منه الخير وفقه فآثر بها فعل الخير على الشر، فوقع ذلك وهو مختار لوقوعه، وإن حرمه الله التوفيق وخذله آثر بتلك الاستطاعة عمل الشر على عمل الخير، فوقع ذلك وهو مختار لوقوعه وهذا هو الكسب الذي قال الله تعالى: ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ (^٢). وإنما التبس على القدرية معرفة ذلك، فهم لا يفرقون بين مذهب المجبرة وبين مذهب أهل الحديث فيرموننا بمذهب المجبرة (^٣)، ونسبتنا لهم إلى قول المجبرة أحق وهم به أليق وذلك أن أسلافهم وشيوخهم من المعتزلة يقولون: إن الاستطاعة في الفاعلين ينعدم وجودها قبل الفعل، وأفعالهم توجد منهم باستطاعة لا